خطة طويلة الأجل أم إدارة الأزمات؟


 

اختلـف المعلقون على ما إذا كنا بحاجة إلى رؤية، أم خطة، أم برنامج، أم خارطة طريق. ومن هنا جاءت وثيقة الأردن 2025 لتكون كل هذه العناوين إلى هذا المدى أو ذاك.
نفترض أن مصير وثيقة الأردن 2025 لن يكون كمصير وثائق سابقة كالأجندة الوطنية، التي وضعت على الرف بمجرد خروجها من المطبعة. ونفترض أن الحكومات المتعاقبة ستحترمها، وتوظفها كأداة تتكئ عليها لتمرير قراراتها الصعبة.
توثيق السياسات والإجراءات الحكومية لمدة عشر سنوات قادمة، حتى لو تحلى بالمرونة، يظل خروجاً على الفلسفة المستقرة للحكم في الأردن، التي تقوم على أساس إدارة الأزمات، وإطفاء الحرائق، ولكل حادث حديث.
ظاهرياً يبدو أن إدارة الأزمات ليست أفضل طريقة للتقدم والازدهار، ولكن هذا الأسلوب في الإدارة الأردنية لم يأتِ بالصدفة، بل هو ثمرة التعامل مع أحداث وتقلبات ومفاجآت في بيئة لا تخضع للتوقعات.
لنفترض جدلاً أننا وضعنا خطة لعشر سنوات في عام 2005 وسميناها (وثيقة الأردن 2015) فهل كان ممكناً الاستعانة بها وبالمعلومات والأوضاع التي كانت سائدة في حينها لمواجهة المتغيرات الداخلية والإقليمية والعالمية، السياسية والاقتصادية التي حدثت في السنوات العشر الأخيرة مثل الربيع العربي والأزمة الاقتصادية والمالية العالمية التي لم يستطع أحد أن يتوقعها ويتنبأ بحدوثها.
في بلد صغير كالأردن، محاط بدول كلها أكبر منه وأقوى وأغنى، ويتأثر بما يحدث في المنطقة والعالم، ويفيق كل يوم على مفاجآت تحدث هنا وهناك. ماذا كانت الخطة العشرية ستقول عن القضية الفلسطينية وحكم اليمين المتطرف في إسرائيل، وهل كانت ستتوقع أن يحدث ما حدث في العراق وسوريا ومصر وأن ترسم سياسة جاهزة لمواجهة تبعات الأزمة المالية العالمية.
لا يكمن الحل في نبذ التخطيط والتصور المستقبلي وصياغة الرؤى والبرامج، بل يكمن في الجمع بين الأسلوبين، فهناك خطة لعشر سنوات تفترض حالة الاستقرار والاستمرارية. وهناك في الوقت ذاته قدرة على التحرك الفوري على ضوء الوقائع، فلا يمكن التخلي عن سياسة إدارة الازمات أو التقليل من أهميتها.
تنفيذ الخطط والبرامج مهمة يقوم بها الجهاز الإداري، أما إدارة الأزمات فتحتاج قادة ذوي رؤية ودهاء سياسي.