الدين العام في الأردن هل هو مستدام؟

اخبار البلد-
للحكم على مدى أستدامة الدين العام في اي دولة هنالك عدة معادلات يمكن اللجوء اليها ومن أبسطها أن يكون معدل نمو الناتج المحلي الحقيقي أكبر من معدل نمو عجز الموازنة العامة ومعدل نمو المديونية، لأن ذلك يعني أن زيادة قدرة الدولة على تحمل فوائد الدين العام وأقساطه عبر السنين. لمعادلة البسيطة أعلاه تشير الى أن عجز الموازنة العامة يكون قابلا للاحتمال اذا كان ما ينتجه الاقتصاد في سنة مطروحا منه نفقات خدمة الدين (فوائد الدين العام) أكبر من عجز الموازنة الاولي. اي أن الاقتصاد يستطيع دفع فوائد الدين العام ويتبقى لديه ايرادات اضافية لتسديد اقساط الدين العام المستحقة.  فما يهم ليس مستوى العجز والدين العام وانما نسبته للناتج المحلي الاجمالي. فاذا كان اتجاه هذه النسبة هو الانخفاض فان وضع المديونية يكون قابلا للادارة والاستدامة. مؤشرات الدين العام في الاردن بهذا الخصوص لا تشير الى أن الدين العام مستدام على الاقل حتى نهاية هذا العام.
صندوق النقد الدولي والبنك الدولي يستخدمان أطرا أخرى اكثر تعقيدا لتقييم استدامة الدين العام بهدف توجيه قرارات الاقتراض بطريقة تتطابق مع حاجات تمويل الدول وقدرتها الحالية والمستقبلية لسداد الديون. كما وتسمح للدائنين تكييف شروط التمويل تحسبا من المخاطر المستقبلية. وتمكن تلك الاطر من أجراء فحص منتظم للدين بالتركيز على مجموعة من النقاط المحورية مثل تحليل عبء الديون المتوقعة على الدول على مدى السنوات العشرين المقبلة نتيجة لاحتمال تعرضها للصدمات الخارجية وتبدل السياسات الاقتصادية، وتقييم مخاطر حدوث أزمة ديون خارجية في المستقبل، على أساس مجموعة من مؤشرات عبء الديون، وبنفس الوقت وضع توصيات لاستراتيجية الاقتراض (والإقراض) للحد من خطر حدوث أزمة ديون.
تقرير صندوق النقد الدولي الذي صدر بتاريخ 7 أيار 2015 ضمن المراجعة السادسة للبرنامج مع الاردن أشار، فيما يتعلق بالدين العام للأردن، الى أن الدين العام مستدام بالرغم من أن احتياجات التمويل في الاردن ما تزال كبيرة عند مستويات 19 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي في المدى المتوسط، كما وأشار التقرير الى أن الدين العام الخارجي في الأردن معتدل وسينخفض تدريجيا على المدى المتوسط، الا أنه لا يزال عرضة للتطورات غير المواتية في الحساب الجاري وللصدمات أخرى.
تشير بيانات نشرة الدين العام في الاردن الى أن حوالي 48.1 بالمئة من الدين العام الداخلي لعام 2014 يتحمل معدلات فائدة أكثر من 6 بالمئة ، وأن حوالي 47 بالمئة من الدين الداخلي يتحمل معدلات فوائد ثابتة وتتراوح ما بين 2 الى 6 بالمئة وتستحق قبل عام 2020 . باعتقادي أن هذه المعدلات لاسعار الفائدة ما تزال مرتفعة اذا ما قورنت بمعدلات الفائدة على الديون الخارجية حيث أن 55 بالمئة من الدين الخارجي (أي حولي 4.4 مليار دينار) يدفع فوائد ثابتة ونسبتها ما بين صفر و 4 بالمئة فقط.
بيد الحكومة مجموعة من الادوات لتحسين وضع استدامة المديونية في الأردن. وزارة المالية مثلا، يمكنها زيادة الايرادات الضريبية عن طريق تقليل الفاقد الضريبي وبالتالي تقليل عجز الموازنة الذي ينعكس دوما على المديونية. وعلى المدى المتوسط والطويل يمكنها تخفيض النفقات عن طريق تحفيز القطاع الخاص للاستثمار وبالتالي نقل عبء التشغيل لذلك القطاع الامر الذي يعمل على زيادة معدلات نمو الناتج المحلي الاجمالي. فالزيادة في النمو الحقيقي تعني تخفيض المديونية كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي.
كما ويمكن تحسين وضع استدامة الدين العام بالادوات المتاحة للبنك المركزي وذلك عن طريق  تخفيض اسعار الفائدة بهدف تخفيض تكاليف الاقتراض. المتابع لمستويات أسعار الفائدة الرسمية يلاحظ بوضوح استخدام البنك المركزي الاردني لهذه الادوات بنجاح. توجه الاردن للاقتراض من الخارج، وان كان له محاذير كثيرة الا أنه خفف من عبء خدمة الدين بشكل ملحوظ. ومن الناحية النظرية يمكن للبنك المركزي أن يرفع معدلات التضخم بهدف زيادة الناتج المحلي الاجمالي الاسمي في حال غياب النمو الحقيقي لتحسين استدامة الدين العام، الا أنه من الناحية العملية لا يحبذ اللجوء الى هذه السياسة.