الخيانة ولّدت النكبة وبدّدت الربيع

الخيانة ولّدت النكبة
وبدّدت الربيع
وتعني الخيانة اصطلاحًا مخالفة الحق بنقض العهد في السر.
وقيل انها الاستبداد بما يؤتمن الإنسان عليه من الأموال والأعراض والحرم، وتملك ما يستودع، ومماطلة مودعه.
وقال ابن عاشور وحقيقة الخيانة عمل من اؤتمن على شيء بضد ما اؤتمن لأجله، بدون علم صاحب الأمانة.
والخيانة نقيض الأمانة،وكلتاهما لا تكتمل معانيها إن لم تُقرن بماهيّتها فهناك الخيانة الزوجيّة ,والأسريّة , والوطنيّة , وخيانة الجار والصديق والشريك والوظيفة والرئيس والمرؤوس وغير ذلك الكثير .
وتزدهر الخيانة في البيئة الحاضنة لها بإنتشار العديد من العوامل فهي تتناسب طردا مع إضطراد الفساد والنفاق والفقر والبطالة والكذب والغرور والطمع والحقد والحسد والتفكك الأسري والضعف التربوي والجهل وغير ذلك من العوامل التي تنحدر بأخلاق الإنسان وتبعده عن دينه وصفات الخير التي وُلدت معه وهذه العوامل لها علاقة بالتربية المنزلية والتربية والتعليم المدرسية والصحبة خارج المنزل ونوع الثقافات المكتسبة والقراءات المتداولة والمشاهدات الإلكترونية والتلفزيونيّة وغير ذلك من وسائل الحياة المختلفة .
وفي عوالمنا الشرقيّة خاصّة في عالمنا العربي فقد لعبت الخيانة الوطنيّة دورا في تراجع اوضاعنا الحياتيّة والإقتصادية الى ما نحن فيه وكان لها الأثر الأكبر في دمار العراق وسوريا وليبيا واليمن وضياع فلسطين وقبلها الإسكندرون وبلاد الأندلس وغيرها وما زلنا نقول انّها مجرّد دروس يجب ان نتعلّم منها دون ان نتعلّم شيئا .
ومنذ مائة عام استطاع الصهاينة بث الجواسيس واستخدام الخونة والمتعاملين معهم لنخر المجتمعات العربيّة من الداخل باستخدام ادوات الإعلام والجنس والمال وبث الفتن وزرع الأحقاد بين الشعوب والحكّام العرب حتّى باتت الحدود مواقيت نزاعات وكراسي الحكم نواميس الحكّام.
وقد زرعت اسرائيل زلمها اللذين تلفُّهم الخيانة عقلا وقلبا وضميرا في كل مكان منذ نشأتها التي تصادف ذكراها السابعة والستين هذه الأيام وشواهد ذلك كثيرة في سوريا ولبنان وفلسطين ومصر والعراق وتونس وغيرها وخلال عهود من هوان العرب وخيانة البعض استطاعت ان تتحكّم في الكثير من القرارات والإجراءات المتّخذة في دول عربية كثيرة .
وعندما بلغ السيل الزبى من الإستبداد والدكتاتوريّة وتكميم الأفواه في بعض الدول العربية استغلّت امريكا واسرائيل عملائها والخونة في بعض الدول العربيّة لقلب الأوضاع مستغلّين الثورات العفوية التي قامت من رحم الفقر والجوع والكبت والظلم ,لتحقيق مآربها وإكمال خططها واهدافها حيث قلبت السحر على رؤوس بعض الحكّام وإن كانوا من المرضي عنهم منها وامّنت لهم ربيعا عربيّا تغنّت به الشعوب كثيرا ولم تكتفي برؤوسهم وانما بدّدت ذلك الربيع ودمّرت كيانات تلك الدول ومقدّراتها وما زالت تعمل على تفتيت سيادتها وطمس حضاراتها وهدر ثرواتها وإضعاف قدراتها العسكريّة كما حدث في العراق وسوريا ومصر.
وقبل سبعة وستون عاما ضاعت فلسطين ووقعت في ايدي الصهاينة أما في هذا العقد من السنين فتضيع دولا عربيّة كانت ذا سيادة باشكال مختلفة وتقع في ايادي دولا كبرى وبواسطة خيانات عربيّة عديدة وبأثمان باهظة وبدماء ارواح زكيّة ودمار مكاسب ومقدّرات كبيرة وحضارات قديمة وبإسم الدين احيانا كثيرة .
واجتماعيا يقال مثلُ الذي خان وطنه وباع بلاده مثلُ الذي يسرق من مال أبيه ليطعم اللصوص، فلا أبوه يسامحه ولا اللص يكافئه. ويقال أُعَلِّمُه الرمايَة كُلَّ يَومٍ فَلَمّا اشتدَّ ساعِدهُ رَماني وَكَم علمتُه نظمَ القوافِي فَلمّا قالَ قافيةً هجاني أَعلَّمه الفُتُوَّة كل وَقتٍ فَلَمّا طَرَّ شارِبُه جَفاني.
قال الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ} صدق الله العظيم وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}صدق الله العظيم
ونحن بحاجة لزمن طويل حتّى ننظف مجتمعاتنا من الخونة والفاسدين وذلك بعد ان نُطهِّر ضمائرنا وانفسنا ممّا علق بها خلال عهود من الخيانة لكي نستطيع ان ندرك ان لنا حقوقا مغتصبة وهي من حق ابنائنا واحفادنا والأجيال القادمة كي لا تصيبنا لعنتهم ولعنة التاريخ في القادم من الأيّام .
اللهم احمي وطننا وابعد عنه شرور الخونة والمارقين واحفظ الأردن ارضا وشعبا وقيادة واجعل رايته مرفوعة على الدوام .
احمد محمود سعيد
14 / 5 / 2015