عفواً يا حكومة.. أنت والنواب المسؤولون

رحم الله الطبيب محمد ابو ريشة، والهم زوجته واطفاله وعائلته وابناء عشيرته الصبر والسلوان، قدر الله وما شاء فعل، وانا لله وانا اليه راجعون.. ولكن.
هذه الجريمة البشعة، التي راح ضحيتها طبيب اردني شاب بصرف النظر عن الاسباب، تجعلنا نرتكب جريمة اخرى اذا انحصر السؤال حول هيبة الطبيب فقط، فهذا الحدث لا يقل في حجمه عن الاقتحامات التي يتعرض لها رؤساء جامعات من قبل موظفين لم تمنعهم الانظمة من الاحتجاج والاعتصام ولكنهم تمادوا على القانون في اقتحام هذه المكاتب التي هي جزء من هيبة الحكومة.
وسؤالي، لو كان للقانون هيبته هل فكر ذلك القاتل ان يخطط لجريمته ويراقب الطبيب المرحوم، ويتجرأ على طرق باب منزل المغدور وطعنه في وضح النهار. ولو كان القانون هو سيد الموقف هل اقتحم المحتجون في ثلاث جامعات رسمية مكاتب رؤسائها المعينين بقرار حكومي وطردهم منها.
وحتى لو افترضنا الضعف والفساد والمحسوبيات في اشخاص رؤساء الجامعات الثلاثة، فهذا لا يعطي احدا الحق غير القانون والمكلفين بتنفيذه لاتخاذ الاجراءات المناسبة بهدف اعادة الامور الى نصابها.
ولو ان الطبيب الذي « لا يتوانى حاليا من التشبث باول فرصة عمل خارج البلاد « هربا من « علقة ساخنة « من قبل ذوي مريض، وجد من التشريعات ما تحميه وتحمي مهنته من اي اعتداء لما اصبح « ملطشة للي رايح واللي جاي».
وهل من الطبيعي ان نسمع كل يوم او يومين عن مشاجرة مسلحة هنا او هناك تحصد ارواح شباب في عمر الورود على مقاعد الدراسة الجامعية او اخرين لم يلبثوا ان دخلوا معترك الحياة بعد ايام او اشهر او سنوات قليلة من التخرج؟.
والقصة لا تنتهي امام هذه المشاهد وانما تمتد الى المدرسة والعلاقة بين الطالب والمدرس، وذلك الخلل الذي جعل المعلمين متهمين خلف القضبان، او ضحايا لاعتداءات جسدية من قبل الطالب وافراد عائلته؟.
وما يثير الاستغراب ان بعض المسؤولين الحكوميين لا يتوانون عن وصف الامور بانها ضمن المعدل الطبيعي او انها كانت تحدث وان تطور وسائل الاعلام وتناولها لهذه القضايا خاصة عبر الالكتروني منها جعل الصورة تبدو وكأنه لدينا عنف مجتمعي. وفي نهاية المطاف يهربون من تحمل المسؤولية بالقول « الحق على الاعلام».
وفي المقابل احد النواب لم يستطع ذات يوم في احدى المناسبات الاجتماعية من تجميل المشهد وفقا لما يريده هؤلاء المسؤولين، فهو قالها « ان الوضع ليس عاديا، ما دمت اشارك في كل يوم بجاهة لاصلاح ذات بين او حوادث قتل».
فإذا ما الذي يجري؟. تحميل الاجهزة الامنية المسؤولية هذا اجحاف وظلم كبير، لان رجل الامن بالنهاية جهة تنفيذية وليس صاحب قرار، والتشريعات التي صيغت تحت ضغط منظمات مجتمع مدني تحسم تقاريرها حجم المساعدات التي تقدم الى الاردن، جعلته مكبلا في كثير من الاحيان، لانه اذا تدخل لمنع « ازمة « قد يصبح متهما.
يكفي تعليق ما يشهده مجتمعنا من سلبيات على شماعة الاوضاع السياسية والاقتصادية، فالسلوك الذي يحكم كل ما نشهده من اختلالات اجتماعية هو ان البعض يحاول « اخذ حقه بيده» وليس من خلال القانون، والمطلوب من رئيس الحكومة ومجلس وزرائه والسلطة التشريعية الارتقاء بالمسؤولية الى مستوى حاجات المجتمع ومشاكله لانتاج تشريعات تحفظ حقوق المواطن كما تحفظ حق الدولة وهيبتها، وتغليظ عقوبات من يحاول التطاول عليها او خرقها.