الانترنت اللاعب الأكبر

وصلني بالأمس تقرير بعنوان "لف وارجع تاني" حول الإنترنت في العالم العربي، من إعداد الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في القاهرة، بإشراف جمال عيد المدير التنفيذي للشبكة.

"لف وارجع تاني" مصطلح مصري عندما تكون الطريق مغلقة فتتم المناورة للعبور وهذا ما يفعله مستخدمو الانترنت في مواجهة الأنظمة القمعية في عدد من الدول العربية.

ومع تفجر المعلومات فإن الذين يجادلون بضرورة فرض رقابة على الانترنت يتبعون الخطى نفسها التي كانت تدعو لفرض رقابة مسبقة على الصحف قبل 400 سنة.

وتوجد الآن نحو 20 دولة تحد بقوة من الوصول الى الانترنت بحجة حماية الناس من المواد المسيئة والمخلة بالآداب أو التي تتعارض مع الدين أو الأمن الوطني أو العادات والتقاليد. وتحت حجة مكافحة الارهاب عمدت كثير من الحكومات إلى فرض تقييدات على الانترنت.

وتخصص بعض الدول ميزانيات لحجب بعض المواقع وتصعيب الوصول اليها.

وتنظر أغلب الدول العربية التي تميل إلى التقييد إلى هذه التكنولوجيا نظرة سلبية، بينما ترى الديمقراطيات فيها فرصا مستقبلية.

وقد اشار اعلان صنعاء حول تعزيز استقلال وتعددية وسائل الاعلام العربية في كانون الثاني 1996: الى اهمية تكنولوجيا المعلومات والاتصال الجديدة، ولاحظ ان بعض الحكومات العربية تستغل التهديد الظاهر الذي تطرحه هذه التكنولوجيات ذريعة للحد من حرية الصحافة.

وذكر ان اخلاقيات المهنة افضل ضمانة ضد القيود التي تفرضها الحكومات وجماعات الضغط، وهذه الاخلاقيات يجب ان يضعها الصحافيون انفسهم.

وقد اصبحت الانترنت أهم وسيلة في استقاء وتلقي وبث المعلومات.

ويبلغ عدد مستخدمي الانترنت في الأردن نحو 6 ملايين مستخدم نصفهم يستخدم الـ "فيسبوك". وقد واجهت الحكومات الانترنت في الأردن بالتقييد ففي نهاية عام 2000 أصدر وزير الداخلية تعليمات عمل مراكز الانترنت ونشرها بعدد الجريدة الرسمية 4469، وتنص على:

1-حظر دخول من تقل اعمارهم عن 16 سنة اليها.

2-عدم الترخيص لها إذا كانت تقع على مسافة أقل من 500 متر عن أقرب مسجد او كنيسة.

3-وجوب الاحتفاظ بأسماء الزائرين حسب الهوية الشخصية ووقت الدخول والانتهاء والجهاز المستخدَم.

وفي عام 2010 جرى إقرار قانون جرائم أنظمة المعلومات قانونا مؤقتا.

يعاقب القانون كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو انشأ موقعا الكترونيا لجماعة أو تنظيم أو جمعية تقوم بأعمال إرهابية أو للترويج لاتباع أفكارها؛ يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة (أي 5-15 سنة) فهذه عقوبة مبالغ فيها واستحداث لجرائم غير موجودة في الأردن.

وسبقه قانون المعاملات الالكترونية المؤقت رقم 85 لسنة 2001، وللتذكير نورد نص المادة 38 من القانون المذكور:

يعاقب كل من يرتكب فعلا يشكل جريمة بموجب التشريعات النافذة بوساطة استخدام الوسائل الالكترونية بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة اشهر ولا تزيد على سنة أو بغرامة لا تقل عن ثلاثة الاف دينار ولا تزيد على عشرة الاف دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين، ويعاقب بالعقوبة الاشد اذا كانت العقوبات المقررة في تلك التشريعات تزيد على العقوبة المقررة في هذا القانون.

وبعد تعديل 2012 وإدخال المواقع الإخبارية الإكترونية تحت مظلة قانون المطبوعات والنشر جرى حجب المواقع غير المرخصة.

على كلٍ؛ المسألة مسألة وقت فقط فستقوم التكنولوجيا نفسها بالقفز على اساليب الحجب ولربما نشهد قريبا انترنت بلا حدود ومن دون مزود خدمة عبر الأقمار الصناعية.

وستكون الانترنت اللاعب الأكبر في التاريخ.