الاستقرار وحده لا يكفي...


هناك قناعة راسخة لدى الداني والقاصي ان الاردن يتمتع باستقرار سياسي وأمني وطيد، ومع ذلك نجد عزوفا بينا عن الاستثمار في المملكة، وهناك ارتحال لمستثمرين أردنيين الى مقاصد استثمارية بديلة في دبي والسعودية ومناطق اخرى، والسبب في ذلك ان المستثمر يبحث عن الاستقرار المشفوع بعائد مجز على استثماراته، لذلك ارتحل مستثمرون كثر الى امارة دبي التي تتمتع بالاستقرار وعائد مريح على الاستثمار، وهناك خروج تحت مسمى التفرع لمصانع عريقة الى السعودية لانخفاض تكاليف الانتاج، وسهولة تلبية احتياجات السوق والتصدير الى اسواق تقليدية، هذه الظاهرة تحتاج للدراسة والبحث في افضل السبل لتحفيز المستثمر المحلي اولا، واستقطاب مستثمرين جدد الى السوق الاردنية ثانيا.

هناك محاور ثلاثة تحدد القسم الاكبر من كلف الانتاج وهي، الطاقة، وتكاليف الاموال ( الفوائد على التسهيلات)، والضرائب والرسوم المباشرة وغير المباشرة، اما اجور العمال فهي الاخرى ليست منافسة في السوق المحلية جراء ارتفاع تكاليف المعيشة، ففي دول الخليج العمالة الوافدة لاسيما من مصر والهند وبنجلادش والباكستان منخفضة الكلفة وان اجور العمال في الاردن المحليين والوافدين لا تقل عن كلف نظيراتها في اسواق الخليج.

قد يقول مسؤولون ان الاردن دولة ضريبية ولا تستطيع تقديم الاعفاءات وتخفيض الضرائب، ولا تستطيع دعم المحروقات للمصانع والمشاريع الاستثمارية، اما تكاليف الاموال فهي مناطة بالجهاز المصرفي المحلي، وان العرض والطلب هو من يحددها، وهذه المبررات تبدو منطقية، لكن في نفس الوقت فإن المستثمر يبحث عن الاسواق الافضل بالنسبة له، والاربح على استثماراته، وهنا نصل الى حقيقة مفادها اننا نحسن التشخيص ونقدم المبررات ولا نطرح حلولا منطقية تسعفنا مما نحن فيه من كرب وخسارة الفرص الواحدة تلو الاخرى.

وايمانا بأن السوق تعدل نفسها بنفسها على اصحاب القرار التأثير بصورة ايجابية على السوق استثمارا وانتاجا واستهلاكا، وان لا يتركوا الحبل على الغارب، والانتظار للنتائج والتي غالبا ما تأتي محصلة لقرارات اقل ما يقال عنها بأنها غير حصيفة، فالضرائب لها وظائف اقتصادية اجتماعية وليس الجباية فقط، وهي اقوى المكابح للتنمية وتعرقل حركة الاقتصاد، اما الفوائد وتكاليف الاموال يجب ان تحتكم الى العقل والمنطق بحيث يتقاسم المستثمر المجد والبنك المبادر الارباح ويتحملون مخاطر الاستثمار، اما المبالغة في هياكل الفائدة تحبط عزيمة المستثمرين، اما الطاقة باشكالها توصف بأنها سلعة ارتكازية، لا يمكن رفعها الى مستويات عالية بالمقارنة مع الاسواق الاخرى، فالعالم اصبح منذ زمن قرية كونية مترابطة، وان الاخفاء والطلاسم لتسعير النفط والمحروقات والطاقة بشكل عام امر منفر وغير مقبول...تحفيز الاقتصاد واستقطاب الاستثمارات تحتاج لسياسات اقتصادية ومالية مختلفة عن الواقع الذي نعيش.