! أردني" أَم "فلسطيني"؟ "
"أردني" أَم "فلسطيني"؟!
الاردن في دستور 1952 الذي يطالب به الحميع، هو الاردن بكافة مكوناته الجغرافية والبشرية
ففي العام 1950 وردا على نكبة 1948 أُعلنت المملكة الأردنبة الهاشمبة كاول دولة وحدة في تاريخ العرب الحديث، حيث تأسست الشراكة التالية
المملكة الاردنية الهاشمية ارضا وشعبا "شرق الأردن" وسكانها و ماتبقى من فلسطين ارضا وشعبا "الضفة الغربية " وسكانها
قدم الاردنيون مدن عمان والزرقاء واربد والكرك ومعان والطفيلة الرمثا والعقبة وجرش وعجلون وغيرها من المدن والقرى وقدم الفلسطينيون القدس وبيت لحم والخليل ورام الله ونابلس وجنين وطول كرم وغيرها من المدن والقرى ، كما قدم الشعبان كل ما يملكان من موارد طبيعية وبشرية وشرعا ببناء دولة وحدة صارت نموذجا في التقدم والتنوير والتسامح .
وصدر في العام 1952 الدستور الذي يطالب به الجميع الآن ، الذي تنص مادته الأولى من الفصل الاول
على أن: ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﺍﳍﺎﴰﻴﺔ ﺩﻭﻟﺔﻋﺮﺑﻴﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﺫﺍﺕ ﺳﻴﺎﺩﺓ ﻣﻠﻜﻬﺎ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺃ ﻭﻻ ﻳﱰﻝ ﻋﻦ ﺷﻲﺀ ﻣﻨﻪ . ﻭﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻷﺭﺩﱐ ﺟ ﺰ ﺀً ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﻧﻈﺎﻡ ﺍﳊﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻴﺎﰊ ﻣﻠﻜﻲ ﻭﺭﺍﺛﻲ.
وينص فصله الثاني في مادته السادسة على أن:
ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﻮﻥ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺳﻮﺍﺀ ﻻ ﲤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﰲ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﻭﺇﻥ ﺍﺧﺘﻠﻔﻮﺍ ﰲ ﺍﻟﻌﺮﻕﺃﻭ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺪﻳﻦ.
و في ظل المملكة عاش الناس تجربة وحدوية وديمقراطية ما لها أكثر مما عليها .
وحتى عندما تأسست منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 كان الملك حسين هو من افتتح المجلس الوطني الفلسطيني الأول في القدس توأم عمان والعاصمة الروحية للأردن وتحت السيادة الأردنية .
في العام 1967 خسرت الدولة الاردنية الجزء الغربي منها بسبب هزيمة حزيران وحصلت موجة نزوح من الضفة الغربية للشرقية اطلقت عليهم الامم المتحدة صفة نازحين DISPLACED وليس لاجئين REFUGEES وبالمعنى القانوني فإن الاولى تعني الذين أجبروا على ترك مكان سكناهم من منطقة الى منطقة ضمن نفس الاقليم السيادي دونما عبور حدود دولية وذلك على عكس تعريف اللاجيء الذي ينتقل عابرا للحدود الدولية , ذلك لأنه لم تعترف اية دولة في العالم بنتائج عدوان 1967 أو انها غيرت الوضع السيادي للمناطق المحتلة وبقيت الضفة الغربية حسب كل المواثيق ارضا محتلة ومسؤولية اردنية كما نصت القرارات الدولية 242 فما فوق وظل التحرك السياسي العربي مبنيا على استعادة الارض ورجوع النازحين "إزالة آثار العدوان" ولم يضطرب هذا الا مع بدء التنازلات العربية فيما سمي "عملية السلام" المتدحرجة هبوطاوالمُنضجة عى نار االهزائم ابتداء من خبمة الكيلو 101 ثم قمة الرباط 1974 ثم كامب دافيد وانتهاء بأوسلو و وادي عربة ، ومرورا بقرار فك الارتباط الذي لا يمكن أخذه خارج سياق تلك العملية في بعدها الاردني-الفلسطيني كممهدٍ للطريق الى اتفاقيتي اوسلو –وادي عربة ، بما القيتاه من طلال سلبية على العلاقة الاردنية الفلسطينية على ضفتي النهر الخالد.( وهذا يحتاج لدراسة مفصلة أكثر)
المهم
أنالدولة الاردنية وبطبيعة تكوينها كوحدة بين دولة مكتملة التكوين و ارض وشعب دون دولة، أخذت سياقا ومنحىً خاصا للتطور والنمو،فعلى العكس من الوضع المضطرب في الضفة الغربية، كانت اجهزة الدولة الاردنية البيروقراطية والامنية والعسكرية مكتملة النمو وكان من استوعبته من ابناء الضفة الغربية إما ملء لفراغ وشاغر او كجزء من التوسع الطبيعي للاجهزة و بناء ما استحدث منها بعد الوحدة .
هذه الطبيعة لاشك انها اثرت على التكوين الاجتماعي لدولة الوحدة، حيث كان قطاع الدولة والأمن والجيش يشهد تركزا اكبر ل"الشرق اردنيين " في حين شهد القطاع الخاص تركزا اكبر لذوي الاصول الفلسطينية وقد كان هذا نوعا من تقسيم العمل الطبيعي فرضته طبيعة الوحدة بين دولة مكتملة وارض وشعب بدون جهاز دولة ، وغلب على تقسيم العمل هذا ان يكون "الشرق اردنيون " غالبية حماة الدولة و إداريوها في حين شكل "الفلسطينيون" غالبية أهل الحرف و الأعمال ، وهذه المعادلة بالمناسبة موجودة في اكثر من مكان ففي ماليزيا مثلا والتي تعتبر اهم نموذج للرخاء والاستقرار في العالم يتركز الصينيون والهنود في القطاع الخاص في حين يتركز المليزيون في قطاع الدولة والادارة، والكل مجمع على ان هذه صيغة مثلى للجميع للعيش برخاء وحرية وإن كان لابد من وجود بعض الاحتجاجات والتظلمات بين آن و آخر.
هكذا بدأ الاردن وهكذا استمر وحتى يومنا هذا
اليوم ومع ارتفاع حدة التوتر مع تقلص والوفرة بفعل الازمة الاقتصادية، من الطبيعي ان تحدث اصطفافات ويرى البعض انه مظلوم او حقه مهضوم ..فيشكو "فلسطيني " من استبعاده من أجهزة الدولة ويشكو "اردني" ضيق الحال وقلة مردود الوظيفة ، في كل دول العالم هناك نوع من هذه "المظالم " والمطالبات وفي كل دول العالم هناك من يستغل هذه وتلك وربما يبني نفوذا ومركز قوة باستثارتها والنفخ فيها .
ولعله من نافلة القول ان مثل هذه الاصطفافات تزداد اوقات الضيق وتقل اوقات الفرج.
أما لمن يرتكز على أو يرتكس إلى هذه الإصطفافات، يتخوف بريئا،او يُخَوِّف غير بريء ناصبا فزاعة "الوطن البديل" اومحاصصا وطامعا في "قِسمةٍ ضيزى" أقول إن الاردن بلد راسخ الكيان ودولة قوية البنيان وثابتة الاركان، والجذور ضاربة في عمق الزمان.ولمن لايعرف فالدولة الاردنية تأسست قبل نكبة فلسطين وتأسيس اسرائيل ب27 عاما وقبل المملكة العربية السعودية ب 11 عاما وقبل الجمهورية السورية ب15 عاما.
وليستمر عزيزا مزدهرا هو بحاجة لنشاط وجهد كل ابنائة.
مخطيء من يتجاهل سنن الكون وتواريخ الامم و يعتقد ان الدولة والمجتمع يستطيعان الاستمرار دون الريع الناتج عن الاعمال ونشاط كل الحِرَف القطاعات ومخطيء من يعتقد ان هذا وذاك ممكن الاستمرار دون الحماية والاستقرار اللذان تقدمهما الدولة المبنية بسواعدوضرائب مواطنيها كل مواطنيها من شرق النهر او غربه شماله او جنوبه .
اليوم والتوتر على اشده آمل ان يتعقل الجميع وينتبة لا حياة للدولة الاردنية والمجتمع الاردني الا بوجود كامل مكوناته، ماء الحياة وهوائها .
لم اذكر، الا انني لن أغفل القلب والروح ، العروبة، عروبة محمد الهاشمي ويسوع الناصري ، النسب والقرابة والخؤولة والعمومة ..
و"روح الكرامة لاروح ايلول"... آثرت الحديث عن المصلحة وضرورات العيش.
ليس لنا إلا عيش التراضي.. الذي يجب ان يُترجم تشريعا وتنفيذا وإصلاحا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"ان قوما ركبوا فى سفينة فاقتسموا فصارلكل رجل منهم موضع فنقر رجل منهم موضعه بفاس فقالوا-ماذا تصنع-قال هو مكانى اصنع فيه ما شئت-فان اخذوا على يده نجا ونجوا وان تركوه هلك وهلكوا".
في هذا المركب لايملك احدنا ان يقول" هو مكاني اصنع فيه ماشئت " لذاك ،نتيجة واحدة ووحيدة ، يغرق المركب بمكانك ومكاني ومكان ابن عمك وابن عمي ونهلك جميعا ، لا قدر الله.
جمال الخطيب
29/3/2011