صرخة الناصر التحذيرية

الصرخة التحذيرية قبل وقوع الكارثة التي اطلقها الاسبوع الماضي وزير المياه والري د. حازم الناصر، يجب ان لا تذهب مع الصرخات الاخرى، التي تطلق بين الحين والآخر، لان القضية التي يتحدث عنها الناصر استراتيجية لا يمكن التساهل فيها.

استمرار تدهور الآبار الجوفية، خاصة في عمق سطح المياه الجوفية في معظم مناطق الشمال، تجاوز الـ 300 متر، ما رفع تكلفة استخراج المياه لأغراض الشرب، وجعلها غير مجدية اقتصاديا، فهل من المعقول ان تحفر وزارة المياه الى عمق 300 متر حتى تصل الى المياه الجوفية؟.

لا نريد ان تسجل هذه الصرخة ضمن الصرخات بانها من تبعات الظروف الاستثنائية للاجئين في البلاد، وتظهر وكأنها فقط للضغط على الدول المانحة التي تقدم مساعدات للدول المستضيفة للاجئين، لانها اخطر بكثير من ذلك، ونحن على ابواب الصيف وشكاوى المياه لا تتوقف.

في صرخة الناصر يكشف ان الدراسات المائية الحديثة تؤكد خطورة وتراجع مستوى سطح المياه الجوفية، ما يلوح بنضوبها بسبب الاستخراج الجائر لأغراض الري، او للاستخدامات الأخرى، لتغطية الاحتياجات المتزايدة، نتيجة الظروف الاستثنائية التي تمر بها المملكة في ظل موجات اللجوء السوري، حيث تؤكد الدراسات ان الاستخراج وصل الى 3 أضعاف الكميات المقيدة والمسجلة لدى الوزارة بطرق قانونية وغير قانونية.

امام هذه الاوضاع الخطرة للمياه لا يزال هناك سرّاقون لآبار غير مرخصة تستخرج كميات كبيرة من المياه، ما يؤثر في المخزون الجوفي للمملكة، مع ان الناصر، يؤكد ان لا شيء سوف يمنعه من مواصلة ضبط اي اعتداء على اراضي الدولة ومياهها، التي يعتبرها "أمن دولة"، ولن يقبل ان يسجل في عهده انه تراخى في هذا الموضوع، او تحابى مع شخص او منطقة.

ما يشجع في كلام الناصر ان ما يقوم به يجد ترحيبا وتقديرا من مرجعيات الدولة العليا، لا بل وتصميما على التخلص من "سرّاقي مياه الدولة".

كانت خطوة ذكية جدا عندما اعلنت الوزارة انها سوف تنشر وبالاسماء الصريحة والرباعية، كل من يتم ضبطه يسرق مياه الدولة، وهذا السلوك الاعلامي ردع كثيرين من الاستمرار في ممارساتهم.

كما كانت خطوة اكثر ذكاء عندما اعلنت الوزارة نيتها توجيه إنذارات خطية إلى شخصيات سياسية، بينهم وزراء ونواب ومسؤولون سابقون وضباط متقاعدون وجمعيات، لسداد ما يترتب عليهم من ذمم مالية مستحقة للوزارة، خاصة أن بعض مضبوطات المسروقات تمت عبر صور الأقمار الصناعية بالتعاون مع مؤسسات عالمية، حيث تمت قراءة العدادات ومراقبة العبث في الآبار والمساحات المزروعة المروية ونوع المحصول والطاقة الكهربائية.

الذين يتحدثون صباح مساء عن ضرورة اعادة الهيبة للدولة، ويمارسون "شو" اعلامي في ذلك، عليهم ان يعرفوا جيدا ان اهم ما يعيد الهيبة للدولة هو تطبيق القانون على الجميع، وان اللجوء الى سياسات الترضية والطبطبة هو الذي يدمر هيبة الدولة، وما تفعله وزارة المياه في تشديدها على انفاذ القانون على الجميع وفي قضية حساسة ومصيرية للاردن، البلد الاكثر فقرا في المياه، هي الخطوة العملية المباشرة في اعادة الهيبة للدولة.

برغم صرخة الناصر الا ان الاخبار تنقل عن ازمة مياه في محافظة الكرك بدأت نذرها تنكشف للعيان، كما ضبطت ادارة مديرية مياه عجلون امس سرقة مياه لمزرعة خاصة على طريق اربد عجلون.