إضاءة على المجموعة الشعرية "ظل وقلبان"

اخبار البلد

بقلم : صابرين فرعون

في تصفحي لهذه المجموعة الشعرية , أكحل عينيّ قلبي بألفاظها المزدوجة المتفردة , أتأمل لغتها المطواعة , والثوب ذي الألوان الدافئة التي تغري القارئ للاستمرار على نفس واحد دون انقطاع .

احتوى البناء المشهدي على نسق شعري مرن منساب ومنسرح باختزالات كثيفة وعميقة وبرمزية ليس فيها التباس أو غموض .. 
شكلت الشاعرة أسماء السوافيري بلغتها الوصفية والسردية سرداباً عميقاً للغوص برحابته الشاعرية مما أكسب النص الشعري قوةً وحضور ..

الجملة الشعرية الواحدة أرض خصبة بالتقنيات والأساليب اللغوية التي تفيض وجداناً ذاتياً , فمثلاً ها هي تشير إلى أصولها الفلسطينية اليافوية في قصيدة "نشيد الأرض" معتمدة أسلوب التشخيص :

ومن غصن البرتقال تفتحت
مراسم دمي ..
تترك بصمتها في تعابيرها المركبة ومفرداتها المزدوجة , كما في قصيدة "رمل ومسيقى" الزاخرة بالوصف المشهدي "هسيس الضوء , آمالي الرملية , قاع الدهشة , الصلوات الخضراء..."
كذلك اعتمدت أسلوب الخطاب المباشر والنداء , كما في قصيدتيّ "موعد" و"بقعة أمل" ..
اعتمدت أيضاً المحسنات البديعية كالتورية , كما في قصيدة "بنت الحياة" التي تشير فيها للأرض والأم , وهي تقول : 
كيف يتدلى اسمي كأغنيةٍ
حين أمتطي الوقت
أتلون بالرياح ! 

المحسنات اللفظية والمعنوية "الالتفات , الازدواج , التورية والجناس" منحت لغتها وزناً موسيقياً للعبارة الواحدة  ممهوراً  بالتفرد والتأثر أيضاً , تأثرها بجبران والفارابي من خلال اللغة الموسيقية التي تزهر وتثمر بها  كلماتها وتترك صدى وأثراً في نفس المتلقي ..

يظهر حرصها الشديد في عنونة القصائد لأنها مفاتيح أبواب اللغة .. إثنتين وثلاثون قصيدةً تخطف أنفاس القارئ لآخر حرف في النص , كما في "فضة يديك" , "سلمٌ إلى الهاوية" ,"ضوءٌ ملون" , "رجولةٌ مبكرة" , "معجم القلب" ...

هذه شاعرة متمكنة من نسج حرفها بعفويته وصدقه وعذوبته ," تضرم ناراً في الحنايا لهيباً "..

"ظل وقلبان" هي المجموعة الشعرية الثانية للشاعرة  الفلسطينية الأردنية أسماء السوافيري بعد المجموعة الشعرية "لأجلك أُمطر" , كلا العملين صادر عن دار فضاءات للنشر والتوزيع الأردن..