بوصلة الأردنيين لم تنحرف

استطلاع مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية الذي شمل 1200 مواطن، والذي أعلنت نتائجه يوم الإثنين الماضي، أظهر أنّ 78% من عيّنة الاستطلاع أكدّوا أنّ سياسات (اسرائيل) الراهنة هي الأكثر تهديدا للأمن والاستقرار في المنطقة، متصدرة بذلك قائمة من تسع دول ومنظّمات تضمّنها الاستطلاع، وهذه النسبة العالية من الأردنيين في مستوى إدراك خطورة المشروع الصهيونيّ تأتي بعد أكثر من عشرين عاما على توقيع المعاهدة الأردنية (الإسرائيليّة) التي نصّت على إنهاء حالة العداء بين الطرفين الموقعين على المعاهدة، وبعد اتفاقيّات شتّى استندت إلى هذه المعاهدة، وشملت كل مناحي الحياة، وفي إجواء من الحميميّة والتعاون بين الرسميين، ودفع ذاتي أو بالتأثير والضغط من قوى عالميّة كبرى لتحقيق المزيد من التطبيع على مختلف الصعد، وفي ظل اهتمام سياسيّ وترويج إعلاميّ باتجاه تحديّات أخرى داخل الوطن والإقليم على حد سواء.
النتيجة هذه تؤكد أنّ الأردنيين ما زالوا على العهد، وعلى نهج الآباء والأجداد الذين وعوا خطورة المشروع الصهيوني فهبّوا سراعا يدافعون عن المقدسات، وينصرون إخوان العقيدة والدّم والمصير، فالأردنيون من موقعهم الجغرافيّ المقدّس بصريح القرآن الكريم، (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصىى الذي باركنا حوله) فهم في الكنف الأول من أكناف بيت المقدس، حيث يشاهدون من مرتفعاته مآذن الأقصى.
ومن شعورهم أنّهم ورثة الشهداء الأبرار من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم الذين ضمّهم في أحشائه ثرى الأردن الطهور، ومن صلتهم بكتاب الله الخالد الذي يرددون منه عشرات المرات في اليوم والليلة قول الله عزّ وجلّ (غير المغضوب عليهم)، ومن تجاربهم المريرة معه في الحرب والسلم، ومن التقدّم الذي حقّقوه في التحرّر من الأميّة، وفي التوسّع في التّعليم في مختلف مراحله بما في ذلك التّعليم العالي. كل ذلك أهلّهم ليكونوا في طليعة أمّتهم وعياً بخطورة المشروع الصهيونيّ، وضرورة التّصدّي له.
هذه النتيجة التي خلص إليها الاستطلاع تشكّل رسالة قويّة لأصحاب القرار للانسجام معها والانطلاق منها في التعامل مع هذا الكيان الذي ما زرع إلا ليكون خنجراً مسموماً في قلبها، ومصدر تهديد دائم لها، فالنّظام السياسيّ، أي نظام سياسيّ يستمدّ قوّته ومشروعيّته من مدى احترامه إرادة شعبه، وتمثّله هذه الإرادة.