شعبية الحكومة: التفسير مطلوب

جاءت نتائج استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية، الصادر أول من أمس، حول أداء الحكومة، مفاجئة وغير متوقعة فيما يتعلق بزيادة شعبية هذه الأخيرة. إذ تتسم اتجاهات الاستطلاعات، عادة، بتراجع شعبية الحكومات بمرور الزمن عليها في "الدوار الرابع".
الأمور لا تقف عند هذا الحد في قراءة وتحليل ما خلص إليه الاستطلاع الأحدث. إذ انتهى أيضا إلى تباين بين بعض النتائج التي خرج بها. فهو من ناحية، يزف لنا خبر ارتفاع شعبية حكومة د. عبدالله النسور، في حين يؤكد، من ناحية أخرى، ازدياد منسوب التشاؤم عند الأردنيين حيال صحة المسار الذي يسلكه البلد.
بالأرقام، يقول الاستطلاع الذي أُجري بمناسبة مرور عامين على تشكيل حكومة د. النسور الثانية، إن نسبة العينة الوطنية التي تعتقد أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح بالأردن، انخفضت 9 %؛ إذ تراجعت نسبة من يعتقدون بذلك إلى 65 % من العينة الوطنية، نزولا من 74 % في استطلاع شباط (فبراير) الماضي، و51 % في استطلاع كانون الأول (ديسمبر) 2014. في حين يعتقد 32 %، من العينة ذاتها في الاستطلاع الأخير، أن الأمور تسير في الاتجاه الخاطئ، بسبب ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، والوضع الاقتصادي السيئ بصفة عامة، والفساد والواسطة والمحسوبية، وضعف البرامج والخطط السياسية والاقتصادية، إضافة إلى بطء عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي.
وثمة أسباب "تاريخية" كانت تضعِف دوماً تقييم الحكومات، وهي المتعلقة بالمشكلات الاقتصادية العابرة لمجالس الوزراء، وعلى رأسها الفقر والبطالة، وتكسير الطبقة الوسطى، نتيجة السياسات الاقتصادية والسياسية وانعكاساتها الكارثية على هذه الفئة.
برغم كل هذه المشكلات، يرى 60 % من العينة الوطنية أن الحكومة كانت قادرة على تحمل مسؤوليات المرحلة، مقارنة
بـ54 % ممن عبروا عن هذا الرأي في استطلاع كانون الأول (ديسمبر) الماضي. فيما يعتقد 61 % من "قادة الرأي" بأن الحكومة كانت قادرة على تحمل مسؤوليات المرحلة، مقارنة بـ60 % في استطلاع كانون الأول (ديسمبر) أيضا.
والسؤال المهم حول هذه النتيجة الأخيرة يتمثل، طبعاً، في أنه: كيف يتسنى لحكومة الحصول على مثل هذا التقييم الإيجابي (نسبياً)، فيما هي تعاني من ضعف الأداء الاقتصادي الذي نتجت عنه علاقة سيئة مع شرائح مختلفة من المكونات الاجتماعية والاقتصادية، منها القطاع الخاص عموماً، المقتنع بأن الحكومة تهمله وتُغرِق في الجباية منه، كما ترى شريحة أصحاب المداخيل الثابتة بدورها أن هذه الحكومة انقضّت على جيوب أفرادها، بسبب قراراتها الصعبة؟!
الرئيس النسور شخصياً، ورغم الانتقادات المتكررة له من سياسيين مختلفين، تمكّن -بحسب نتيجة الاستطلاع الجديد- من جني تقييم أعلى، إذ عبر 61 % من العينة الوطنية عن إيمانهم بأن رئيس الوزراء، من دون الحكومة "كان قادرا على تحمل مسؤوليات المرحلة"، مقارنة بنسبة 56 % في استطلاع كانون الأول (ديسمبر) الماضي. فيما يعتقد 67 % من "قادة الرأي" بذلك، مقارنة بـ65 % في استطلاع كانون الأول (ديسمبر) أيضا.
بصراحة، لا يوجد تفسير واحد "ظاهر" يوضح كيفية انسجام النتائج السابقة مع بعضها بعضا في الوقت ذاته! علماً أن بعض الباحثين يؤكدون إمكانية الفصل بين النتيجتين. وأغلب الظن أن القصة ترتبط بشخصية الرئيس النسور نفسه، وأن الانطباعات السابقة عنه كمعارض ما تزال تسعفه حتى اللحظة، حتى لو انقلب على كل ما كان يقول.
وثمة رأي طالما تردد، فحواه أن الحكومة الحالية، على كل علاتها، تظل أفضل بكثير من غيرها من الحكومات. ولعل هذا ما قاد إلى النتيجة الإيجابية، إنما المفاجِئة وغير المتوقعة.