اللامركزية قانون إصلاحي

اخبار البلد-
لا يختلف اثنان في ضرورة ان يصار الى تطبيق ممنهج للاصلاح المالي والاداري، وان المقدمة الاولى للاصلاح الاقتصادي تكون عبر الاصلاح المالي والاداري. وهناك من يذهب في هذه الفكرة الى القول ان الاصلاح السياسي ايضا يستند في نجاحاته على الاصلاح الاقتصادي وانه بالتالي يكون الاصلاح الشامل عبر جناحي الاقتصاد والسياسة. من هنا ندرك ان الاصلاح الاداري والمالي هو نقطة ارتكاز اساسية للاصلاح الشامل، وانه لما كان قانون اللامركزية يهدف في جوهره وفي بعده ومراميه الى تحقيق الاصلاح المالي والاداري، فاننا والحالة هذه نقول ان قانون اللامركزية يحظى باهمية خاصة وهو في النهاية ليس قانوناً عاديا بل له من التشابكات والتعاضدات والتداعيات ما يجعل منه بحق رافعة مهمة وجسر عبور من مرحلة الى اخرى تتحقق من خلالها نقلة نوعية نحن في امس الحاجة اليها.
فاللامركزية التي هي في ظاهرها تفويض للصلاحيات من المركز الى الاطراف، هي في جوهرها وحقيقتها رفع منسوب الاداء الحكومي وزيادة فاعليته وانتاجية الانفاق العام وهي توسيع قاعدة المشاركة في صناعة القرار وهي حالة من التخطيط في الواقع وفي الميدان بحيث تكون مجموع الخطط التي هي الخطة التنفيذية الشاملة والتي هي اقرب الى الاهداف، وبالتالي فاللامركزية هي تعميق لثقافة المشاركة والشراكة والانتماء وهي توسيع لافاق التفكير مثلما هي تطوير لاتخاذ القرار ضمن المحددات والامكانات ووفق منظور محلي يأخذ بعين الاعتبار المنظور الشمولي.
واللامركزية لا تلغي المركز وهي ليست بديلا عنه بل ان مركزية الايرادات العامة ومركزية التنفيذ هي ادوات هامة مهمتها الاساسية تجاوز الروتين والبيروقراطية وكذلك ضمان حسن التنفيذ للافكار والمشاريع، فالتنسيق بين المركز والمدار هو اساسي ومهم وعملية التنسيق هذه هي التي تضع خطط العمل في الاطراف منسجمة مع الامكانات الشمولية للقدرات المالية مثلما ان التنسيق هذا يضبط ايقاعات الانفاق بما ينسجم في النهاية مع السياسة المالية للموازنة العامة وبالتالي مع السياسة الاقتصادية باعتبار ان السياسة المالية هي اداة من ادوات السياسة الاقتصادية.
من هنا فنحن امام قانون في غاية الاهمية وهو مفصل اساسي من مفاصل منهجة العمل الاصلاحي المالي والاداري وبالتالي لا بد لهذا القانون ان يأخذ مداه في النقاش قبل الاقرار النهائي، ذلك ان لهذا القانون استحقاقات علينا ان نأخذها بعين الاعتبار فهو ليس مجرد اوامر ونواهي ولاضوابط ومحددات بل هو قبل كل شيئ حالة ثقافية تتطلب حالة وعي مهني متقدم وبالتالي لا بد من ان
يصار الى تهيئة الكوادر بما يؤهلها لان تقوم بالتنفيذ خير قيام، فمثل هذا القانون لا بد وان يبدأ تطبيقه على مراحل ووفق اسس توصل في النهاية الى حالة متقدمة من التعامل الصحيح معه.
ان نجاح اللامركزية هي نجاح ليس فقط ارادة الاصلاح بل هي زرع ثقافة اصلاحية جديدة وابجاد مناخات حقيقية للاستثمار في الاطراف تكون قادرة على المدى المتوسط والبعيد أن تحقق هدف التنمية الشاملة المتوازنة والمستدامة.