الوضع الاقتصادي يحاصر حكومة النسور
أخبار البلد - محمد علاونه
الجدل القديم ذاته يبرز على السطح من جديد إن كانت الأولية للإصلاح السياسي أم الاقتصادي، وإن كانت ترى فئة واسعة من الناس أنهما يجب أن يسيرا في خط متوازي وألا يؤثر أحدهما على الآخر بل العلاقة يجب أن تكون تكاملية ووطيدة.
في نفس الوقت تغلب فئة بعينها الواقع الأمني على كل ما سبق وكأن أهل البلد مسؤولون عن إغلاق الحدود في أكثر من جهة بسبب هجمات «إرهابية» وتوقف انسياب البضائع، بل أحيانا يتحمل المستهلكون نتائج سياسات حكومية خاطئة وتحديدا في الشأن الاقتصادي فتكون النتيجة مزيدا من الغلاء والضرائب.
وحتى لو تم القفز عن المؤشرات الرئيسة مثل النمو الذي لا يتعدى 3 في المئة والبطالة التي ارتفع معدلها إلى 12.9 والفقر المتفاقم والمديونية التي تجاوزت 23 مليار دينار، فمن الصعب تجاهل الواقع المعيشي لغالبية القابعين على هذه الأرض، إذا ما علمنا أن 51 في المئة من العاملين في الأردن يتقاضون رواتب بين 300 و499 دينارا و60 في المئة منهم من عمر 25 وحتى 39 عاماً وهناك من يتقاضى أقل من 200 دينار.
«المياه الجوفية في أزمة»، «الاقتصاد الأردني يعاني من ضغوط اللاجئين السوريون»، «التجار متضررون من إغلاق الحدود»، «الوضع الإقليمي المضطرب أثر على الأردن اقتصاديا»، كلها عناوين يكرهها المسؤولون بمناسبة وبدون مناسبة ولا أحد يتحدث عن مشاريع استثمارية منتجة تم انجازها بتمويل من المنحة الخليجية، والغالبية لا تستطيع ابتكار حلول لقطاعات الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة.
حالة الترقب التي تسيطر على مفاصل الدولة كافة بحجة الأوضاع الإقليمية ومكافحة الإرهاب وضرورة بسط الأمن توفير الأمان، ستراكم مزيدا من الإخفاقات بل وإذا ما تكشفت الأحوال الاقتصادية البائسة في وقت قريب والتي يتم التغطية عليها بالأحداث التي حولنا سيكون من الصعب آنذاك إيجاد حلول أو حتى الخروج من عنق زجاجة بدأت تتشكل بسبب تردي الوضع الاقتصادي بشكل عام.
لا يعتبر متوسط الأردنيين أن الأمن هو التحدي الرئيس التي تواجهه البلاد، ما خلص إليه استطلاع حديث للرأي أجراه «المعهد الجمهوري الدولي»، أظهر أن الأردنيين أكثر قلقا بشأن الاقتصاد المتعثر، وارتفاع الأسعار، والفساد المستشري، يشعرون أن أمامهم وسائل محدودة جداً لمعالجة هذه القضايا.
يبدو أن ما قيل في الشأن السياسي بوجود مخاطر أمنية وضرورة الانخراط في حملات لمكافحة الإرهاب وحمل زائد من اللاجئين أصبح كافيا وبدت تتكشف صفحات جديدة تحمل عناوين مثل تعثر مشاريع وزيادات في معدلات البطالة والفقر.
قد يقول مسؤول إن طرح القضايا لا يكفي ويجب اقتراح حلول أو بدائل، والإجابة بكل سهولة بسؤال عريض مفاده «ماذا فعلت الحكومات المتعاقبة وحتى الحالية في الاقتصاد؟ ولماذا لجأت دوما إلى جيوب المواطنين بإزالة الدعم عن السلع والخدمات وفرض ضرائب جديدة؟.
الأهم من ذلك، لماذا حالات الإقصاء لخبراء في الاقتصاد والمال دون ذكر أسماء؟ ولماذا استبعدوا من المنظومة العامة رغم أنهم خدموا سنوات عديدة، في كل الأحوال لا نحتاج رؤساء حكومات لكي يحدثونا عن الأوضاع والتأثيرات الخارجية بقدر ما نحن بحاجة لمن يرغبون بالعمل وفورا بعيدا عن الجيوب والمساعدات والحلول السريعة، يبدو أن الوضع الاقتصادي يحاصر حكومة عبد الله النسور.