الاخوان والحكومة .. ماذا بعد ؟

سارت الامور على خير بين الحكومة وجماعة الاخوان المسلمين , وتجاوزت الحالة السياسية لحظة احتقان أنذرت بعواصف سياسية كئيبة , بفضل حكمة طرفي المعادلة , فالحكومة وخلال لقاء وزير الداخلية مع وفد الجماعة اعادت التأكيد على اعترافها بالجماعة وشرعيتها والجماعة بدورها مارست رشادا بالتأجيل , لكن هذا الفعل ليس مؤشرا على تنظيم العلاقة وفتح الافاق لتعاون سياسي بقدر ما هو هدنة سياسية ليس بالضرورة ان تفضي الى تعاون .
حتى اللحظة لم تدرك اطراف المعادلة السياسية ضرورة اللقاء والتحاور بمعزل عن ضغط الموقف او احتقان اللحظة , فالمكونات السياسية تلتقي في اتون ازمة او على سفح خصومة , مما يجعل النهايات محكومة باللحظة المأزومة وعادة ما تصل المكونات الى هدنة دون ان تصل الى مصالحة , فالجميع يعمل بنظام المياومة السياسي والبرامج غائبة والرؤى شبه معدومة لمستقبل الحالة السياسية المحاصرة بالنيران من كل الاتجاهات .
للآن ثمة فسحة من هدوء في الساحة المحلية , فالحكومة تعيش ارتفاعا في شعبيتها حسب الاستطلاع الاخير , وهي فرصة للانتقال الى عتبة ثانية من عتبات الشعبية المطلوبة لاية حكومة , فالتصالح مع المكونات السياسية يخلق راحة للناس وللحكومة وللمكونات ايضا , خاصة وان الحكومة مقبلة على طرح قوانين جدلية ومهمة لتنظيم الحياة السياسية واعادة ترتيب العلاقة مع الافراد لاختيار ممثليهم على كل المستويات البلدية والمجالس المركزية والانتخابات النيابية وهي قوانين تحتاج الى توافق وطني لتحقيق المشاركة الشعبية .
جماعة الاخوان تعيش الآن اوضاعا تشبه الى حد كبير جملة الشاعر المتنبي حين قال " على قلق كأن الريح تحتي " فالقاعدة الشعبية لها تراجعت والقاعدة الداخلية لم تعد بالصلابة المعهودة , فوجود الجمعية وظهور البيانات المجهولة المصدر على انحسار تعداد المنضوين تحتها تكشف ان ململة تجري داخل صفوف الجماعة عمادها الضيق بحالة الانسداد السياسي جرّاء المقاطعات واغلاق ابواب المشاركة في الحياة السياسية البرلمانية والبلدية , فأي حزبي يريد ان يكون جزءً من العملية السياسية بدليل انضوائه تحت راية حزبية .
في العلاقات السياسية ثمة مصالح وعواطف والتقديم للاولوية , والمصالح السياسية الآن متطابقة نسبيا , فالحكومة تبحث عن رصيد شعبي متنام والجماعة تبحث عن مخرج لازمتها الداخلية بسبب انحسار المشاركة الخارجية , وهذا ظرف مثالي لانتاج مصالحة قائمة على المصلحة دون العاطفة التي سادت تصريحات الطرفين خلال الازمة , فالجماعة تحدثت عن رشادها ومواقفها التاريخية مع الحكومات والاخيرة بدورها فتحت الباب لمخزون الذاكرة الايجابي بلقاء الجماعة في الداخلية .
الحكومة تعرف تماما ان الجمعية لن تكون بديلا عن الجماعة بأي حال , فهي فاصلة عشرية في الحياة الاخوانية لن تصل الى تشكيل رقم صحيح , والبيانات الصادرة فقدت بريقها بحكم انتسابها الى المجهول , والجماعة تدرك وادركت ان ادارة ظهرها للمشاركة والتفاعل مع الحياة السياسية الرسمية يفقد الجماعة ضرورة وجودها و يدفع الانصار والمريدين والمنضوين الى البحث عن بديل موضوعي لتحقيق غاية وجودهم تحت راية حزبية .
الجماعة مطالبة الان بالحركة الافقية والعامودية لكسر الانطباع المتكرس منذ سنوات عن رفضها المشاركة في الحياة السياسية الرسمية وهذا لا يضيرها شريطة عدم تخليها عن شرطي النزاهة والعدالة في اي قانون يثري الحياة السياسية والمشاركة الشعبية بشكل عام وليس وفق اشتراطاتها الذاتية وعليها القبول بمبدأ " ما لا يؤخذ كله لا يترك جله " , وعلى الحكومة تلقف اي مبادرة اخوانية بجدية ودون الاستماع الى الاصوات الخاسرة من مشاركة الجماعة وعودتها الى الحياة السياسية والاهم تقديم ضمانات حقيقية بأن النزاهة والعدالة متحققتان في اي مشروع قانون سياسي قادم , الفرصة مواتية لانتاج حالة تصالح مجتمعي وعلى الجميع التقاطها ودعمها وتوفير سبل النجاح لها .
omarkallab@yahoo.com

- See more at: http://www.addustour.com/17571/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86+%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A9+..+%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7+%D8%A8%D8%B9%D8%AF+%D8%9F.html#sthash.wmKnz3oI.dpuf