الإخوان المسلمون و«دِسك» الرقبة

يبدو للعيان أن الأزمة الإخوانية الداخلية أزمة مقصودة و تهدف وبلا أدنى شك إلى مَزق أبرز الأحزاب السياسية الأردنية وتفجيرها من الداخل، وبغض النظر عن الطرف المتآمر أو الذي يتحمل مسؤولية هذا التفجير الداخلي فإن الصنميّة التي تعانيها القيادة الإخوانية جاءت أخيرًا بالنتائج الوخيمة التي يتوقعها المرء في ظل تشبّث بعض الرموز القيادية بمراكزها، التي كوّنت مع الزمن مساحةً فاصلة بينها وبين الجيل التالي لها في أسرة الحزب، فمنذ أكثر من ثلاثة عقود وأنا أرى القيادات الإخوانية في مكانها لا تتزحزح رافضةً إخلاء قُمرة القيادة، ما أصاب رقبة السلطة هناك بالتكلس والشلل نتيجة التصلّب الذي أبدته قيادةٌ تتحدى الزمن؛ فعلى الصعيد الخدمي ظل الحزب مُذ نشأته محافظًا على نوعيّة برامجه التطوعية والخيرية، وبقي في الصدارة برغم كثرة المنافسين له، لكنه وفي الملفات الأخرى بقي متجمدًا في "فريزر" النزاع السلطوي غير المعلن ما أدى به مؤخرًا لخسارة مساحات شاسعة من التأييد الشعبي. المعضلة تكمن في أن بعض القادة الإسلاميين لا يؤمنون بقانون الطبيعة برغم أنه قانون غير وضعي يتبع للإعجاز العلمي في القرآن؛ إذ الحديد كمعدن يحتاج إلى حماية من الصدأ الناتج عن فعل الريح والمكونات الجديدة التي يأتي بها، بيد أن رأس القيادة الإخوانية رفض قبول المستجدات تلك التي تفرض واقع المطالبة بالتغيير والانصياع لفرضياته الحتمية، رفضٌ لا يتواءم مع مرجعية الحزب وعمقه التركي؛ فقد عرف الحزب الإسلامي في تركيا التكيفَ مع مقتضيات عصره وتبدلاتِه، فطرح عناوين مختلفة؛ فحزبِ الفضيلة الإسلامي إلى حزب العدالة والتنمية، ومن اربكان إلى أردوغان الذي بات غير قادرٍ على ترك الساحة السياسية في تركيا بعد أن اقترب من لذة الزعامة للمدّ الإسلامي المعتدل (السني)، وهو ما لا يحبط فكرة أن الحزب الإسلامي التركي عرِف ومنذ ردح من الزمان لعبة التلوّن مع المتغيرات الإقليمية والبشرية والتأرجح معها. إن السير في خط مستقيم هذه الأيام يعرض القافلة للسرقة وربما ليصيبها بالنعاس والكسل، ويُفقدها جانب الخبرة والمعرفة، الذنيبات أو منصور او همام أو عربيات أو غير هذه الأسماء المعهودة سماعيًا، آن لها أن تُخلي الساحة للشبيبة، أو أن تلعب لعبة الخفاء والتجلي تبعا لفرضيات الحَكم وتتجاوز خطوط الخطاب غير المتجدد الذي أصابها مع مرور الزمن بآلام في الهيكل العظمي وربما سيصيبها بالشلل.