وفورات ديوان المحاسبة!


 

في تقريره السنوي الاخير يقول ديوان المحاسبة إن أعمال التدقيق التي يقوم بها حققت وفورات من المال العام تبلغ 2ر71 مليون دينار في العام الماضي، وأن مجموع الوفورات المحققة خلال السنوات الخمس الماضية بلغ 5ر347 مليون دينار، أي بمتوسط بتراوح حول 70 مليون دينار سنوياً.
يظلم ديوان المحاسبة نفسه بتقدير الوفورات التي يحققها، خاصة إذا كان بعض هذه الوفورات ليس أكثر من رفض أو تأجيل بعض المشاريع الرأسمالية، فالوفر الحقيقي هو منع ما كان سيذهب هدراً وفساداً لولا وجود الديوان كقوة رادعة.
بهذا المقياس فإن من الصعوبة بمكان تقدير الوفورات الناشئة عن أعمال الديوان، ولكنها بالتأكيد أضعاف المبلغ الذي يدّعي الديوان بأن له الفضل في توفيرها على الدولة والمجتمع.
وهنا نلاحظ أن مبلغ الوفورات المالية مستقر سنة بعد أخرى، حول مستوى 70 مليون دينار سنوياً ، مما يشير إلى غياب التحسن في الأداء المالي، فقد كان المفروض أن تتناقص الوفورات لأن تصحيح الاخطاء في سنة ما يجب أن يؤدي إلى عدم تكرارها في السنة أو السنوات التالية.
على هذا الأساس فإن فعالية وكفاءة الديوان لا تقاس بحجم المبلغ الذي يقول إنه وفره، بل على العكس بانخفاض المبلغ عما كان في السابق، الأمر الذي يدل على أن التدقيق أسهم في تصويب أنظمة الرقابة والضبط الداخلي، ونجح في تخفيض الاخطاء سواء كانت تحدث بحسن نية أو بغير ذلك.
التدقيق الذي يقوم به ديوان المحاسبة ليس بديلاً عن التدقيق الداخلي وأنظمة الضبط في الوزارات والدوائر، وقد جرت العادة في السابق على تورط الديوان في الجانب التنفيذي عن طريق التدقيق المسبق أو عضوية اللجان المختلفة التي تتخذ قرارات مالية، لأن معنى ذلك نشوء الحاجة للتدقيق على المدققين الذي أخذوا صفة المحاسب التنفيذي، وأصبحوا أصحاب القرار في جواز أو عدم جواز الصرف.
ديوان المحاسبة يمثل التدقيق الخارجي المستقل، الذي يعتمد على التدقيق اللاحق وفحص العينات والقيام باعمال جرد النقود والموجودات بشكل مفاجئ.
يبقى أن ديوان المحاسبة مؤسسة حضارية تستحق الدعم والتشجيع لتقوم بالمهمات الموكولة إليها بكفاءة واقتدار.