في اليوم العالمي لحرية الصحافة

أخبار البلد - 

يُنشر هذا المقال وأنا في ريجا عاصمة لاتفيا التي تستضيف الاحتفال الرئيسي الذي تنظمة "اليونسكو" في "اليوم العالمي لحرية الصحافة" الذي يقع في الثالث من أيار من كل عام.

ومن المقرر أن يحضر المؤتمر ثلاثة آلاف مدعو من مختلف دول العالم من مسؤولين حكوميين وصحافيين وأكاديميين ومنظمات دولية وغير حكومية. ونظرا لهذا العدد الكبير من المدوعين سيتم عقد لقاءات متخصصة يتم حجز المشاركة فيها الكترونيا. وقد اختار لي الداعون أن اتحدث في مناسبتين عن قوانين الإعلام في ضوء تحولات تكنولوجيا المعلومات، والتنظيم الذاتي للإعلام حيث لم يعد أحد يتحدث عن الصحافة (المرتبطة بالصحف والورق تاريخيا) إنما عن الإعلام بعد الاندماج المتزايد بين مختلف وسائل التواصل الجماهيري والاجتماعي.

إضافة إلى الموقع الرسمي للمؤتمر على الانترنت الذي يوجد فيه جدول الأعمال وغيره من المعلومات، أمطَرَنا المنظمون والداعون بمئات الرسائل الإلكترونية عن كل صغيرة وكبيرة في المؤتمر بما في ذلك نصائح بإحضار شمسية وملابس واقية من المطر.

إضافة إلى حفل استقبال بدعوة من رئاسة الجمهورية وآخر بدعوة من سفارة السويد سيقام احتفال رئيسي لتسليم جائزة حرية الصحافة التي فاز بها السوري مازن درويش المعتقل حاليا في دمشق.

وبقراءة تحليلية سريعة لآخر مؤشرات حرية الصحافة في العالم وحق الحصول على المعلومات، التي تعدها منظمات مشهورة مثل مراسلون بلا حدود وبيت الحرية والمادة 19 ومركز كارتر ومركز الديمقراطية والقانون، للأسف تتذيل الدول العربية هذه المؤشرات، فمن التلويح بالجزرة للمطبلين والعازفين وكتّاب التدخل السريع، إلى التلويح بالعصا لمن لم تنفع معهم الجزرة فتتم محاكمة وسجن الصحافيين من قبل محاكم عسكرية أو جلدهم في الساحات العامة، إلى التضييق عليهم وعلى أبنائهم، وإعطائهم المعلومات بالقطّارة.

في مثل هذه الأوضاع أخذت هذه المهنة التي كانت رسالة يوما ما على أيدي الرّواد تتحول إلى وسيلة استرزاق قريب من الاسترقاق، واختلط الصالح بالطالح ومع انتشار وسهولة إنشاء المواقع الإلكترونية دخل المهنة دخلاء ممن لا عمل لهم يبتزون هنا ويمسحون أحذية كبار المسؤولين والأغنياء ما داموا يهدونهم ربطات عنق أو سجائر "كوهيبا".

وما يسعدني أن الجيل الجديد بدأ يعتمد على نفسه فأصبح هو "مواطن صحافي"، ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي اصبح لكل فئة اهتماماتها تتحاور وتتواصل عبر هذه التكنولوجيا من دون قراءة الصحف أو مشاهدة التلفزيون أو الاستماع للإذاعة إلا أثناء ركوب السيارة. إن أغلب ما تنشره وسائل الإعلام القديم أصبح "طبخة بايتة" لا ينفع تسخينها. ولربما هناك ضئيل أمل بالتكيَّف أو مواجهة الداورينية الإعلامية.