لأنك تفهم !
لأنك تفهم !
بقلم: شفيق الدويك
صهر ذاته في أصابع كاتب ليظهر هذا المقال .
خذ منديلا، حتى لو كان مستخدما، أو سبابتك و امسح دمعة صدمتك من موت حلمك قبل أن ترفع العين أجرة السكن على دمعة عينك، أو إغسل وجهك بالماء دون الصابون لعل جبينك يدرك الصحو يا صاح، حيث لا زال في الخزّان بعضا من صدأ و طين و ماء راكد بإرادة غيره.
أنا قبلك طويت أحلامي بعد أن أكملت الأيام ، بالتمام و الكمال، عقدي الثالث، و قبل أن يحقنوا الفقر اللعين بعروقي بقليل، فلم أعرف طعم الصدمة مثلك.
لذا، لن تجد من يحسدك ؟ الأماكن، كما حدثتك ليلة الأمس يا صاح، و أصناف الطعام و قوائمها، و السلع الخاصة و المعمرة و قامات الصبايا المتأهبات للزواج و زجاجات عطورهن، و غير ذلك من متاع الدنيا لنا الحق في التمتع بصورها التي تبثها الفضائيات فقط لأنها على الارجح ملك غيرنا.
تركوا لي و لك السلع الميسرة التي تُشترى بالقروش و الشلنات، أو التسوق بدينار أو بدينارين في اليوم الواحد على أبعد تقدير عندما لا تحدث أية مفاجأة تذهب معها الغلّة !
لا تتابع نشرات الأخبار و البرامج الليلة لئلا تزيد ثقافتك و ينتعش برعم أمل قد ينمو في أرض نفسك الطيبة المتعبة عن طريق الخطأ، فالعلاقة بين المعرفة و الإقصاء الوظيفي لأنك تفهم ثم الفقر كما بينت لك هي علاقة طردية، و أنصحك لأني أحبك بأن لا تقرأ أرقام و معلومات الأسواق المالية، السيولة المصرفية، البطالة، التضخم ، النمو الإقتصادي ، التعيينات ، الحوافز و إرتدادات الأزمة المالية العالمية لأنها تعني غيرك. أقصد زميلك الذي تركته ملتصقا بمقعده و المسؤول الكبير الذي في وظيفتك قد همّشك و جمّدك ثم أبعدك دون أن يودّعك !
إحترق و سيجارتك مثلي تحت حرارة ضوء القمر، ثم تكوما أنت و هي في قاع كوب الشاي أو عند حافة صحن الزيت أو الزعتر الأخير – وجباتي و وجباتك حتى الممات -، لا فرق لدي، فقد سبقتكما، مثل نملة متعبة أضاعت طريقها شقاوة آدمية، عند كسرة الخبز الناشفة ليستجير همّي بهمّك !