مقال ما اقسى خيبة نهاية النفق !!!


اخبار البلد-

إذا بدأت تتصفح مفكرة الايام والمهام التي عليك القيام بها لانجاز اعمالك وما يترتب عليك من مسؤوليات وواجبات والتزامات واستخرجت من درج مكتبك اوراقاً كنت يوماً قد كتبت فيها لنفسك خططا ً واستراتيجيات للعمل والالتزامات سيثور مع غبار هذه الاوراق شيء من الالم والحزن وستشعر أنك بالرغم من كل ما خططت له من خطط وحسابات بكامل المقاييس والمعايير انك ما زلت في قعر الوادي بينما طموحاتك وامنياتك واحلامك ما زالت هي الاخرى تعانق وتناطح السحاب فالحكومات المتعاقبة وكلام المسؤولين عن المستقبل الواعد المشرق مستقبل من افضل الى افضل ليس إلاّ سراب في سراب ومن أسوأ الى أسوأ فكيف اذا حرر المرء فكره وذهنه وتذكر طموحاً اجمل من هذه الطموحات ليعيش مستقبل سرمدي كما تعيشه ادنى شعوب البلدان المتحضرة .
ما السبب يا ترى ان تلك الاحلام والوعود والخطط والامال الجميلة التي رسمت ووعدنا بها ركضت فوق الايام والشهور والسنين بحوافرها حتى بهت حبرها ولم تتحقق بعد .
الحقيقة ان تفسير الاخفاق وتعثر الاستراتيجيات والخطط المعدة من قبل الحكومات والشركات وغيرها له عوامل كثيرة دلت على بعضها الخبرة البشرية في علوم الادارة والتخطيط والنجاح وخصوصاً المعرفة الادارية المبرهنة تجريبياً ولكن ثمة عامل له في نفسي كبير الاثر يفسر كثيراً من الفشل والطموحات والاحلام هذا العامل بكل اختصار هو ان الخطط فوق الصخور والارجل ما زالت ناعمة ملساء ما حفيت وكدت وتشققت بعد .
فما زال كثير من النفوس وهم مقتنعون ان بامكانهم ان يبلغوا المجد ويحققوا الانجازات وهم لم يكابدون المشاق ويلعقون الصبر بل استسلموا للكلام وفضلوا دوام المكاتب على العمل الميداني .
لقد بين الله عز وجل معالي الامور في هذه الحياة والتي نص عليها القرآن كالرسوخ في العلم واظهار الهدى والطريق الصحيح والاصلاح ومحاربة الفساد واظهار دين الحق دين السلام المحبة والتمكين في الارض بالانتاج والعطاء فاصلاح الامة لا يحصل والمرء مستكمل راحته وغارقاً في سبات واسترخاء هذه حقيقة دل عليها الشرع وصرخت بها تجارب الحياة فكثير من الحكومات والمسؤولين المعنيين وباقي القطاعات خصصوا اوقاتهم للمؤتمرات والندوات والاحتفالات والسفرات والتنظير الاعلامي بدل ان برهن على انجازاته وجهاده بالعمل والمكابدة بالعطاء بل زرعوا مصباح علاء الدين في عقولهم لتخفيف وطأة احلامهم لعلها تتحقق دون عناء ، ان معالي الامور والطموحات الكبرى في الاصلاح والتغيير والعلم والابداع والتعليم والنهضة لا تكشف وجهها لك حتى تمسح العرق عن جبينك بيد ترتعش من العناء .
اما في بيئة يغلب عليها ضجيج لهو الحوار والنقاش وخفة المرح وقهقهات الفكاهة اتراها يمكن ان تنتج مدونة او تحقق انجازاً او تحل ازمة فان منطق الحياة يأبى ذلك ، والعلم خلقه الله ثمينا لا يجلب في الاسواق الرخيصة لقد خططنا منذ سنوات طويلة خططاً واستراتيجيات متعددة ومتنوعة وطموحات في شواهق الجبال وما زالت اقدامنا غصة طرية فلا يتحقق العلم والعمل والانجاز براحة الجسم وهذه العبارة لم تخرج من طرف الذهن ولم تكتب بحبر الادب وانما حفرت حروفها بازميل التجارب والخبرة والمعرفة والدراية وجسر من التعب والجهد باتجاه بناء مستقبل واعد ولقد اجمع العقلاء والخبراء ان النعيم لا يُدرك بالنعيم وكل ما نخشاه ان لم نبادر عاجلاً بالصعود الى جسر التعب ان نصطدم يوماً بتقدم الاعمار دون تحقيق شيء من تلك الطموحات للأجيال التي اصبح همها متابعة تطور التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي باشكاله وانواعه في ظل وجود كثير من التنظيمات المضللة والآفات المفسدة وفي ظل تزايد البطالة والفقر والتقاعس عن القبول بالعمل دون خطط تنفيذية حقيقية للحكومات والمنظمات الاهلية للتحفيز ولتحقيق التنمية الحقيقية وبدل ان نبحث عن حلول للأزمات المختلفة بكل عقلانية وروية اصبحنا نبحث عن النزاعات والصدامات وما اقسى خيبة نهاية النفق .

المهندس هاشم نايل المجالي

hashemmajali_56@yahoo.com