هاشم خريسات يكتب : هل الفساد بهذا الكم والحجم?

أخبار البلد - توالي احالة العديد من الملفات الى هيئة مكافحة الفساد خلال الاونة الاخيرة يطرح تساؤلات تفرض نفسها فيما اذا كان هذا الامر متوقعا منذ زمن بعيد, ام ان الامر في معظمه لا يتعدى شبهات ستكون نهايتها معروفة سلفا بالبراءة او الحفظ لعدم كفاية الادلة, الا ان الاغلبية الصامتة تتابع بالدهشة في كثير من الاحيان, تحول ما كان الى وقت قريب يعتبر مجرد شائعات مغرضة يرددها من يسمون اصحاب الاجندات الخاصة الى وقائع فساد وافساد يتم التحقيق فيها فعلا بكم وحجم كبير, لم يكن يدور حتى في خيال الذين يحسنون الظن في الحكومات والقرارات والاجراءات الصادرة عنها ! .

 

انكشاف بعض حالات الفساد يتم بسرعة قياسية لم تكن معهودة من قبل على هذا النحو المفاجئ, واخرها احالة رئيس الوزراء قبل ايام ملفين جديدين يتضمنان شبهات تجاوز مفترضة في كل من امانة عمان وجامعة اليرموك, بعد ان سبقهما ملفات اخرى من الوزن الثقيل ومنها شركات "موارد" التي ستحال الى القضاء قريبا, وكذلك الحال بالنسبة لتجاوزات في عطاءات شركة الفوسفات عن طريق التلزيم, وقضية تسكين الموظفين في سلطة منطقة العقبة الخاصة وغيرها ! .

 

هيئة مكافحة الفساد منذ انشائها قبل سنوات معدودة كانت منشغلة بمهام التأسيس والمؤتمرات والندوات والعلاقات العامة, وفي بعض القضايا الخاضعة للتحقيق معظمها من العيار الخفيف, لكنها تعاني حاليا من ازمة في الملفات التي ترد اليها بين الحين والاخر, في الوقت الذي لا تتوفر فيه لديها احيانا الكوادر المؤهلة واللازمة للبت في هذا الكم الكبير المعروض عليها, ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر حوالي ثمانين الف وثيقة باللغة الانجليزية لبعض جوانب العمل في شركات موارد الداخلية والخارجية ! .

 

هذا يعني بصريح العبارة.. ان الكثير مما كان يتردد عن قضايا فساد كبرى وصغرى خلال السنوات الاخيرة, لم يكن مجرد حديث صالونات ومناكفة من قبل فرق الحكومات المتعاقبة لبعضها البعض, وليس على سبيل اغتيال الشخصيات او اطلاق شائعات على عواهنها دون اثباتات موضوعية, انما ينطبق عليه المثل الشهير "لا دخان بدون نار", ما دامت الدائرة تتسع يوما بعد اخر من حول بؤر الفساد الساخنة, والتي ارتفع عنها فجأة غطاء ما يشبه "طنجرة الضغط", الذي كان يحول دون انفجار ما تحويه من ملفات في شتى الاتجاهات ! .

 

يبدو ان امام من بدأوا مشوار المتابعة الجدية لقضايا الفساد خلال الشهور الاخيرة طريقا طويلا شاقا ومتعرجا وربما خطيرا, يحتاج الى جهود استثنائية وقناعات حقيقية لكشف المزيد من حالات الفساد التي ما تزال بعيدة عن الانظار وليست في مرمى السهام لغاية الان, حيث يسود اعتقاد جازم لدى الرأي العام بأن القليل منها هو الذي تم الكشف عنه لاعتبارات كثيرة, في حين ان المخفي ما يزال اعظم لمن يتابعون مصير المال العام الذي اختفى في جيوب الفاسدين والمفسدين ! .