الإقليمية.. منتج أمني بامتياز - عمر عياصرة .

اخبار البلد-ما أنا متأكد منه، أن قرابة 60 في المئة من معتصمي دوار الداخلية كانوا من أصول "شرق أردنية"، وآسف لهذا التعبير التشطيري الذي لا أتبناه، لكن التعبئة الإقليمية التي جاء بها البلطجية استدعت مني استخدامه فأرجو المعذرة.

إذن، هذا الحضور المتنوع في انتماءاته الجغرافية والسياسية والأيدلوجية، كان أردني الهوية والوجهة، ولك أن تسأل كل من زار وعايش اعتصام 24 آذار المجيد.

هذه الأجواء، أربكت النظام وأربكت أجهزته الأمنية، فالاعتصام لا هوية له إلا الوطن، والخطاب رغم سقفه المرتفع إلا انه حفظ للملك وزنه ودوره وأهميته، وبالتالي تم قطع الطريق على مؤججي موقف القصر من الشباب.

هنا وهنا فقط، تم استنجاد جهات معلومة لدى الجميع، بوصفة الإقليمية البغيضة التي تحرض طرف على طرف، وهذه الجهات لن تعدم وجود الجهالة عند البعض كي تحرّضهم وتعبئهم وتحركهم بالريموت كنترول.

ما ندعيه لا يحتاج إلى برهان، فموقع "اليوتيوب" الشهير كشف كل شيء، بدءا من منطق البلطجية، إلى حجم التآخي بينهم وبين الأمن، إلى غير ذلك من عبارات الشتم والقدح بالأعراض وسب الذات الإلهية وممارسة عنصرية بغيضة.

مفزع جدا إن كان النظام سيلجأ إلى تأجيج الاستقطاب الإقليمي داخل المكونات الأردنية من اجل التملص من استحقاق الإصلاح، فهذه الوصفة قاتلة، ولا تصلح أن يمارسها حكام جيدون يديرون وطن.

ما يجب أن يدركه المتهورون في النظام، أن اللعب على تفصيلات المجتمع وخصوصياته، هو لعب في النار، وأن سعيهم لن ينجح لان المعطيات اليوم مختلفة، والدليل هوية أفراد 24 آذار ومن تعاطف معهم.

منتج الإقليمية، وللأسف هو اليوم منتج أمني بامتياز وحصرية، يستخدمه رجال أمنيون لا يدركون أبعاده السياسية والاجتماعية والثقافية على الوطن.

النظام بإمكانه أن يكون أكثر صراحة وأكثر جرأة، وليعلن انه لا يريد الإصلاح، وانه يفكر باستعادة الأحكام العرفية، ولعمري تلك وصفة قبيحة، لكنها خير من استخدام الإقليمية مليون مرة.

يا أمن، يا عالم، سياقنا الحالي مختلف، وحاجز الخوف لم يعد موجودا، خاصة عند الشباب، وهنا لا بد من ترك السياق التاريخي كي يأخذ مجراه، والسياق التاريخي يقول إننا في زمن الحرية، إننا في زمن التغيير.