الكثرة و الاستزادة ليس معياراً للتفضيل و القداسة
لكل أمة ارث ديني عريق تعتز و تتفاخر به مع بقية الأمم الأخرى و تعول على العديد من الأفراد في دراسة شريعتها المقدسة و إظهارها على أكمل وجه و أجمل صورة لبقية المجتمعات بل و تعطي كل أشكال الاحترام و التبجيل للأفراد المتبحرين في الدراسة و الساعين إلى الاستزادة من الدين لأنهم أشخاصاً يعول عليهم في فهم الدين و معرفة طبيعته و كيفية الاستفادة منه في بناء مجتمع إنساني أخلاقي يعتمد العدل والمساواة و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خلال ما ينقلونه و يسطرونه للمجتمع و أفراده من الروايات و الأحاديث التي صدرت من رسل السماء و عظماء القوم بل و حتى أفعالهم و حركاتهم و سكناتهم التي كانت بمثابة الدستور الثاني الذي يهتدون بهديه كونه موافقاً لما أمرت به السماء وعلى تلك الأحداث و المجريات سارت الرسالة السماوية في نهجها و شريعتها من خلال اعتماد المسلمين على الرواة وما ينقلونه من الروايات و الأحاديث الصادرة من النبي المصطفى ( صلى الله عليه و اله و سلم) و أهل بيته و الخلفاء الصحابة ولعل أبرزهم الراوي أبو هريرة الذي ينقل عنه ملازمته للرسول الأكرم (صلى الله عليه و اله و سلم) ونقل الكم الهائل من الأحاديث و الروايات التي نقلها خلال ملازمته للرسول الكريم (صلى الله عليه و اله و سلم) بالإضافة إلى زهده في الحياة من اجل الظفر بنقل اكبر عدد من الأحاديث النبوية إلا أن ذلك ليس مدعاة إلى تقديس أبا هريرة و إحاطته بهالة من التفضيل لأنه ليس صاحب عصمة من السماء حتى لا يسهو أو يتعرض لأصحاب المقامات ذات العناوين البارزة في المجتمع و كذلك فان هذه المكانة و الملازمة التي حظي بهما أبو هريرة لا تبيح له التعرض للخلفاء و الصحابة و أمهات المؤمنين ومخالفتهم وعدَّ نفسه الأفضل منهم وهذا قياسا ليس صحيحا من جانبه و هذا ما كشفه المرجع الصرخي الحسني في محاضرته العقائدية أل( 35 ) التي ألقاها مساء يوم الجمعة بتاريخ 10 نيسان 2015 إن أبا هريرة قد تعرض للصحابة والخلفاء وأمهات المؤمنين بخصوص الروايات والأحاديث وأعطى لنفسه خصوصية ميزته عن غيره حيث علق سماحته على جملة من تلك الروايات التي ذكرها أبو هريرة عن نفسه ومنها رواية وردت في كتاب البخاري / المزارعة / الحديث 2179 :- عن الأعرج ... عن أبي هريرة قال : يَقُولُونَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ ، وَاللَّهُ الْمَوْعِدُ ، وَيَقُولُونَ : مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لَا يُحَدِّثُونَ مِثْلَ أَحَادِيثِهِ ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ ، وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِلْءِ بَطْنِي ، فَأَحْضُرُ حِينَ يَغِيبُونَ ، وَأَعِي حِينَ يَنْسَوْن)) مُشكِلاً سماحته بإشكالين على هذه الرواية قائلاً : (( أولهما: أكثر الحديث وباقي الصحابة أيضا أكثروا الحديث ، فهم أكثروا الحديث لأنهم صاحبوا ولازموا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لفترات طويلة وأبو هريرة كيف أكثر الحديث وهو لم يعاشر النبي إلا فترات قصيرة لا تقارن مع صحبة ومعاشرة الصحابة الآخرين ؟ و ثانيهما : عندما يروي الأحاديث ويروي العدد الهائل من الأحاديث الذي يفوق الصحابة ويفوق ما رواه الصحابة الذين عاشورا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أكثر منه وصحبوه أكثر منه ، بل يفوق مجموع ما رواه الصحابة وإجلاء الصحابة والخلفاء وأهل البيت وأمهات المؤمنين !! هذا الإشكال أمرُّ واحكمُ وأعمقُ )) .
http://www.al-hasany.com/vb/showthread.php?t=412526
بقلم / احمد الخالدي