الكاتب مروان سوداح والكاتب رعد خالد تغوج يبرقان برسالة الى جلالة الملك

بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني بن الحسين المعظم
حفظه الله ورعاه
السلام على من اتبع الهدى وبعد :
اجتمع اعضاء مجلس إدارة "وكالة أوبنيون ديبلوماتيك الأخبارية الدولية" (واد) ليلة أمس، في المقر الدائم للوكالة، وتباحث الأعضاء فيما بينهم عن الحوادث التي آلت إليها الأمور في بلدنا العزيز الاردن مؤخراً، وبعد اجماع تلا الاجتماع أقرت الوكالة ما يلي:
سيدي
في هذه الظروف التي تمر على بلدنا العزيز والغالي الاردن، والتي نعرف نحن أبناء هذا البلد أنها نتيجة لظروف اقتصادية واجتماعية مرت على المنطقة كلها، وليس على الاردن وحده، ونحن يا جلالة الملك، نؤمن ايماناً لا تشوبه شائبة، أن مساعيكم وجهودكم لتطوير هذا البلد لا تتوقف ابداً، فأنتم الذين حفظتم العهد وضربتم المَثل الأعلى في الانسانية وأحترام الآخرين أياً كانت مشاربهم وألوانهم، بل أن جلالتكم يحظى بالشرعية التي حفظها لنا التاريخ وروتها لنا الجغرافيا، وكما يقول الرسول (ص): إذا عمل أحدكم عملاً فليتقنه، فكنتم يا جلالة الملك خير أخٍ وخير أبٍ لهذا الوطن العزيز، الذي لا يرضينا أن يمسّه كائن من كان بأي سوء...
 
جلالة الملك
اخترنا أن نناديك جلالة الملك دون " ياء المُخاطب " لأنك قريبٌ منا قُرب الأخ لأخيه، ولكي لا يندس المُغرضون الذين يتأولون الكلام على غير عواهنه ويتخذون لغو الحديث ليظلوا عن سبيل الله، نعم، نحن يا جلالة الملك، نعلمُ علم اليقين "المحك  التاريخي" الذي نقع بين مفاصله الأن، ونقدر لجلالتكم جهودكم الدؤوبة في تسريع وتيرة الأصلاح والحد من أسباب العنف التي بزغت في المرحلة الأخيرة من تاريخنا.
 
نحن يا جلالة الملك نؤمن بأن جلالتكم الرمز الوحيد للأردن والأردنيين، ونؤمن بأن العائلة الهاشمية، حملت عبر تاريخها المجيد، راية التنوير والتطوير، ونؤمن كذلك بالمثل العراقي القديم "من أنتفى أصله مات عرقه"، فلا شرعية إلا للتاريخ، فهو الحكم بيننا يا سيدي، وتاريخ العائلة الهاشمية معروفٌ للقاصي والداني، بل هو علمُ من الأعلام التاريخية، ونؤمن يا جلالة الملك كذلك أنه بغير هذه الشرعية لا يستوي لنا أمرٌ  ولا تقومُ لنا قائمة، فأنتم الرمز الوحيد لهذا البلد، الذي نستضيء به في ظُلمتنا ونتدفء به في عاصفتنا.
جلالة الملك
ان الأيمان الذي يعتصر فؤادنا هو الذي دعانا الى قول ما نقوله، فلولا حب هذا الوطن، الذي نشئنا على تربته، وعشنا تحت سمائه، في جميع الظروف والأحوال التي مرت عليه، لما كانت ألسنتنا تقوى على ما تفوه به الأن، وذلك يا سيدي الحب الذي زرعته أنت في قلوبنا وعلمتنا أياه بضربك مثلاً عالياً من المروءة والشجاعة والأنسانية، وعلى حين أن البعض وقف وقفة فرحٍ على ما يحدث في الاردن الأن، كانت عقولنا و قلوبنا تذرِفُ حزناً، لا على ما يحدث الان، بل على ما ستؤول اليه الأحداث لو بقي كل شيء على ما هو عليه الان .
يا سيدي، إن الجيش الاردني هو رمز من رموز هذا الوطن والدرك الأردني هو الحامي لهذا البلد، وهو الذي تبقى أجفانه مُحدقةً نحو السماء في وقت تكون فيه المضاجع قد فُضت للنوم، ولا يرضينا يا سيدي أن يتعرض أي شخص لهذا الرمز المقدس من مقدساتنا، ولكن الحال يا سيدي تقولُ غير ما عهدناه، ويُضيرنا يا سيدي أن يتم الهجوم على الدرك وعلى الأمن العام الأن، ومن قِبل جهات تحاول "التغميس خارج الصحن"، لتحقق مآرب شخصية، والله يا سيدي أن ما تحمله الأن على أكتافك تنوء عن حمله جبال، وأنت يا سيدي أقوى من أن يمتهنك المُمتهنون. نعم يا سيدي، القدر دار دورته لكي يُنبِئُنا بأنك الأقدر على هذا الحِمل، ومنا يا سيدي الدعم ومنا الولاء، فلو أدرك هؤلاء الذين يسعون لتجنيد "الشباب" بهدف الخروج للمظاهرات ما تكابده  جلالتك من مشقة وعناء، لكانوا الأقدر على حمل المسؤولية، ولكنهم يا سيدي أستبدلوا الذي هو أعلى بالذي هو أدنى، وما هو ذلك الأدنى؟، يا ليتنا نعلمُ يا سيدي، ويا ليت هذا الظلام ينجلي عن فؤادنا.
يا سيدي
إن الربيع الذي شهدناه في عهد جلالتكم أضاء لنا تاريخنا وشكّل لنا وعينا المُبكر بضرورة القيام بدور حضاري وإنساني في سبيل الرقي بأردننا العزيز، الذي حمله آبائنا واجدادنا على أكتافهم، ونحن يا سيدي لا ننتظر منك مجرد التكئة، المُقدمة، بل محطة الوصول، بكل ما للولاء من مكانٍ في قلوبنا.
إن الذي يحدث يا سيدي على أمتداد هذا الوطن هو من صُنع الأيدي السوداء التي أمتهنت السرقة الليلية، والتي لا تريد لهذا البلد أن يعيش عيشةً مهنية، وما يُتداول في الصالونات السياسية لا تعرفُ مداهُ الجبال، فالحال يا سيدي كفت عن أن تكون لهبا ونارا وأرتفعت الى مستوى فُوهة بركان، وقد لا يُدرك الحزبيون والمتظاهرون ما الذي يعنيه الأستعجال، يا سيدي أن رؤيتك، وأنت الأعلم برؤيتك، هي التي ستقودنا الى بر الأمان، فالتغيرات الجذرية يا سيدي لن تكون في يومٍ من الأيام مجرد زهرةٍ برسم القطف، بل هي نبتةٌ برسم الزرع، وهذا ما لا يدركه المتهورون في بلدنا، فأن يتم تصوير المتطلبات الشعبية من قِبل بعض المتظاهرين على أنها خلاص، هو المُحالُ بعينه، فلابد لكل ثمرةٍ تُقطف من بذورٍ تُُزرع، والحالُ يا سيدي أنك الوحيد، نعم، الوحيد ثم الوحيد، القادرُ على ما لا قدرة لنا على فعله، وبغير رؤياك يا سيدي، لن نزرع إلا المزيد من البؤس والشقاء.
ونزيُدك يا سيدي بعضاً من الذي عندنا، وهو متواضعٌ أمام حكمتكم الجليلة يا سيدي، أن الذي جرى ويجري للأن ما هو إلا البلاءُ بعينه، فأن يتم تصوير الدرك بـ"البلطجية والزعرنة"، هذا ما لا نقبله لأنفسنا ولا لغيرنا، هذا فضلاً عن الصالونات السياسية، وما أكثرها في عمّان يا سيدي،التي تحاول "لملمة الإعلام" والتقرّب منه، بهدف إحتكار الرأي والرأي الآخر، ما يزيد في النهاية من وتيرة الغضب والشحن الأيديولوجي للجماهير التي تسير على غير هُدىً. يا سيدي إن المنابر الخارجية التي تتاح لنا ولغيرنا من الكتّاب والصحفيين كثيرةٌ كثرة النجوم في السماء، وهذا إن دلَّ على شيء، فإنه يدل على التواطؤ الخارجي لوسائل الإعلام ، التي لا تريدُ لهذا البلد أن يكون مستقراً. يا سيدي إن الأستغلال الذي نراه يومياً بأعيننا للجماهير وفئة الشباب ما هو إلا الدمار لهؤلاء الشباب الذين لا يعرفون ما ستؤول إليه الأحوال لو ظل الأمر على ما هو عليه. يا سيدي إن هنالك جُملة يتناولها بعض الفئات في المجتمع تقول "أقرب طريق للوزارة هو المعارضة"، ويا سيدي نحن نرى أن بعض الزعامات والقادة يشحنون الجماهير ويوزعون المناشير للشباب، ويؤججون غضبهم ليخرجوا الى الشارع مطالبين بأسقاط الحكومة ورئيسها وكل إسم آخر يعن على بال هذا أو ذاك منهم، وتتقاذفه أهواءه الصبيانية، ما يذكرنا باوصاف الفلاسفة لهؤلاء بمرضى اليسارية واليمينة، بل والإسلاموية الطفولي، والعجيب أننا لا نرى هؤلاء الزعامات، فهم يتعاملون مع الشارع من وراءِ حِجاب، وكما يقول الشاعر "رمتني بدائها وأنسلت". يا سيدي نحن لسنا في موقع دفاع عن الحكومة أو اشخاص بعينهم، فأهل مكة أدرى بشعابها، وأنت الأدرى يا سيدي بطبيعة هذه الصناعة، ولكننا نخاف أن يتطاولُ الصغِير، لا سمح الله، على الكبير، فيتبعُ بعدها الشعرُ قولٌ هزيل، وستغدو عندها الأردن صولجانا لهؤلاء "المُحنكين". يا سيدي إن التباكي أمام التلفاز ووسائل الأعلام هو أسهل  مما نتوقع، فبلادنا يا سيدي تشهدُ خريفاً سيتبعه ربيع مُزهر أن شاء الله بجهودكم يا جلالة الملك.
يا سيدي
نؤكد لكم  يا جلالة الملك، أننا نتمسك بالشرعيات التي ورثتموها كابراً عن كابر، ونرى فيها ملاذاً لكل الاردنيين المخلصين وحصناً منيعاً لهم وهي، الهاشمية والقومية والدينية والتحررية والشعبية، وهي التي أفضت الى تحرير أرض العرب من الطغيان، وأرست بذور القومية التحررية في أركان العروبة، وأعلت رايتها الخفاقة التي ما تزال ترفرف للان في سماء الوطن الكبير من الماء الى الماء، برغم حقد الحاقدين، وغيظ المرتجفين، الذين يمعنون اليوم بالتآمر في محافلهم السوداء، ينفخون بالسم الزعاف في كل الاتجاهات، ويلوذون إذ ذاك في جحورهم المظلمة مشيحين عيونهم عن النور. ونحن إذ نعتصر ألماً لِما نرى ونسمع من قرف، لنطالب بكشف ملفات هؤلاء المتربصين بالتاج والشعب، وإطلاع الرأي العام عليها من ألفها الى يائها. فالحقيقة، كل الحقيقة، ملك للناس، وهي ملاذاً لهم في الملمات، وفي مواجهة مَن تنكروا لتاريخيهم وارتدوا يستحضرون اسلحة صدئة يهدفون بها تخريب عقول العامة وتشويه صورة المملكة على وجه البسيطة، ناقمين على نِعم الاستقرار والأمان التي ترفرف في سماء الوطن الحبيب.
يا سيدي
لقد كثرت الأصوات الناعقة والنابحة، وبعضها كان حتى عهد قريب من أقرب المقربين، فكشف عن عورته بكل جلافة،  وكما يبدو بأوامر خارجية، فالأمر حدث فجأة وبلا مقدمات، ويبدو في الأفق ثمة ترتيب وتصعيد، وبالاتفاق بين مَن هم في الداخل وبين مَن هم في الخارج، فتعالت بهم ومعهم مختلف الأصوات التي تعبر الفضاء الوطني طاعنة في الظهر، فأدمت الوطنيين وأصابتهم في مقتل.  
يا سيدي، وحين يشدّد النظام على الديمقراطية التي قدتم مسيرتها منذ بداية البدايات، وسبقتم الآخرين اليها، وأشركتم الكل فيها، وبها صعدوا الى المنابر واعتلوا الفضائيات ورافقوا الأثير، لكنهم ارتدوا ليطعنوا  الأرض والشعب والامة، بلا ضمير ولا وازع ديني أو أخلاقي وكأنه خُيل لبعضهم ان الوطن سهلٌ وان القضاء على انفساه قاب قوسين أو ادنى، ومن بعدِ سيؤسسون إمارتهم ليكون هلالاً إرهابياً على الناس والأوطان، بلا ديمقراطية وبلا شورى كما في مواضعهم الإنقلابية التي أزهقت الحياة والحيوات وأسالت الدماء.

وفي النهاية ندعو لك ياسيدي بطول البقاء والصحة والعافية  ، وأن تظل تاجا نُرصع به رؤوسنا  أينما رحلنا وأرتحلنا ، وحفظ الله ودكم وجهدكم الدؤوب في خدمة أردننا الغالي وأرجو أن تغفر لنا كلامنا الذي ما أستخرجناه إلا من قلوبنا وعقولنا وأدام الله عزكم.

رئيس التحرير المسؤول - مروان سوداح
المدير التنفيذي والمدير الفني - رعدخالد تغوج