دمج «الرأي والدستور»

أخبار البلد -   جمال الشواهين

الواقع الأليم في صحيفتي الرأي والدستور نتيجة طبيعية، غير أن الاسباب لذلك ما زالت مكتومة، ولا أحد يقترب منها ليفصح عنها، وليس صحيحا أبدا أن شح الاعلانات وتوقف الاشتراكات الحكومية هما سبب الازمة، فهذه وتلك هي آخر اسبابها؛ لان الارباح التي كانت تحقق في الماضي لم تكن مستندة الى الاشتراكات والاعلانات الحكومية. والعودة الى الميزانيات السنوية للصحيفتين ستبين ان الارباح في صحيفة الرأي كانت بالملايين، وفي الدستور بعشرات الالوف وليس الخسارة، فكيف استقر الامر على عجز حد عدم دفع الرواتب.
والعودة الى الرواتب التي كان يتقاضاها رؤساء التحرير ومجالس الادارة ونوابهم في الصحيفتين سيكشف انها وصلت الملايين، اضافة لامتيازات ومياومات لا تقل عن ذلك، كما ان القدرة كانت متوفرة لشراء المطابع والاراضي بغض النظر عن الحاجة او عدمها، لتظل اجور العاملين هي الحصة الاقل في كل الاوقات.
لم يقل عدد الصحفيين في الصحيفتين خلال العشرين سنة الماضية عن المئتين، وهم الان اكثر بالضرورة، ويعلم الجميع قصة ما كان يعرف بالهبوط المظلي في التعيين، وكيف أن عدد الكتاب وصل في وقت ما الى المئات، وان الجهة المسؤولة عن الامر لم تكن الحكومة غالبا، وانما غيرها، وربما هي التي تكون مسؤولة اكثر ما يكون عن الازمة وعن تدني الرقي المهني ايضا ومن تدثروا بها كذلك.
طوال الوقت الماضي عرفت الدستور بأنها صحيفة عائلة والرأي صحيفة حكومة، وتغيير ادارة الدستور لم يسعفها، وتوالي الوزراء المتقاعدين على مناصب الرأي أنهكها، ثم جاءت حكومة معروف البخيت لتوجه لكمة شديدة للصحافة الاسبوعية وبعدها حكومة سمير الرفاعي لتسقطها بالضربة القاضية وقد نال هذا من الصحف اليومية ايضا بعد أن تنمر الجميع عليها ليستقر الحال على توقف العرب اليوم وعودتها واهنة، ثم حال الدستور وقد تبعتها الرأي بأقل الوقت. ولا بد ان الاسباب كثيرة والمسببين اكثر، ومن يجتهدون الان للحل تنطبق عليهم قصة بعد خراب مالطا. ربما الحل الوحيد للمعالجة يكون بدمج الصحيفتين على اساس مشروع وطني اعلامي كبير واستراتيجي، والامر يلزمه صحفيون يؤمنون به.
هامش
احتل نابليون بونابرت جزيرة مالطا عام 1798 وقد فر أهلها الى صقلية، واستمر احتلالها قرابة الخمسة عقود قبل ان يحررها الانجليز من الفرنسيين، ولما عاد اهلها اليها وجدوا ان الفرنسيين دمروا كل مبانيها وقصورها وجعلوها خرابا، ومن هنا أتى القول بعد خراب مالطا وانطبق على الانجليز.