كيف تدير الحكومة أعمالها ؟

في كتابه بعنوان " كيف تدير الحكومة أعمالها بشكل يفيد المواطنين، ولا يفقدهم عقولهم How to Run a Government so That Citizens Benefit and Taxpayer Don’t go Crazy” يقدم السير "مايكل باربر" مجموعة قواعد لتحقيق عنوان الكتاب، وتحويل وعود السياسيين إلى حقائق، وقد تولى هذه المهمة أمام رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، ويقوم بنفس المهمة لمسؤولين باكستانيين.

من قواعده: تحديد عدد قليل من الأهداف الواضحة، أن الأهداف بحّد ذاتها ليست الهدف، تأسيس وحدة تتولى تحقيق الأهداف Delivery Unit، ضرورة تجاهل مبررات عدم تحقق الأهداف، التعلم من الخبرة، وجود القيادة المثابرة الملتزمة، وغيرها.

تحديد الأهداف إذن أمرا مهما لكنه ليس بيت القصيد، فالعبرة بهدف رفع مستوى التعليم، يكون بتخريج طلاب الابتدائي بمهارات معرفية عالية، والعبرة بهدف رفع سوية التعليم العالي، هم خريجون متميزون، كل منهم مشروع عالم، فيزيائي ومهندس واقتصادي..، والعبرة بهدف تدريب موظف القطاع العام، يكون بتقديمه خدمة ممتازة للمواطن تشعره بالرضا، وتعّمق ولاءه لوطنه وقيادته، والعبرة بهدف حلّ مشكلة الطاقة، تقديم خدمة كهربائية ممتازة بكلفة يقدر المتلقي على دفعها، والعبرة بهدف تطوير الصناعة السياحية تكون باستقطابها سياحا بزيادة 30 %، وخلق وظائف للأردنيين، والعبرة بهدف حلّ مشكلة النقل، انخفاض تدريجي لعدد السيارات الخاصة اختياريا لوجود وسيلة مواصلات عامة بديلة محترمة تلبي حاجة المواطن، بكلفة يستطيع دفعها وبالحد الأدنى من المعاناة، وهكذا.

بدون ذلك، يستمر إعداد الدراسات وتخزينها، وعقد ورشات العمل في البحر الميت، وإعداد كلمات افتتاحها، وتتوالى اجتماعات المسؤولين وانشغالهم بتصّدرها وبتغطيتها الإعلامية، وتستمر خسائر شركة الكهرباء وتوالد المؤسسات الحكومية المستقلة، وارتفاع المديونية وخدمتها وعنوان "مكافحة الفساد" والتصريحات عن الباص السريع والخفيف والبطيء، وما نعرفه من كلّ هذا، وتبقى الأوضاع كما هي دون تحسن، وبذلك تكون الحكومة قد عجزت عن تطبيق قواعد السير" باربر"، ودفعت المواطن للجنون، عندما تخلت عن مواجهة الظروف المتغيرة، وخلطت الرؤيا بالخطط وبالأهداف، وبالعبرة المرجوة منها التي لم تتحقق.