لقاء مع عمدة عمان

ملفات كثيرة ومسائل عديدة تهم المواطن العمّاني وتؤرقه، كانت مدار البحث مع الاستاذ عقل بلتاجي (عمدة عمان)، وكلها على قدر كبير من الأهمية والخطورة، مثل ملف المرور وأزمة المواصلات، وكاميرات المراقبة، وملف النظافة والأرصفة والبسطات والرخص والمشاريع الخدماتية، وملف مستقبل عمان وهويتها الحضارية، والإجابة على سؤال كبير يتعلق بشكل عمان عام (2025م)، كل هذا وقضايا أخرى جزئية وجانبية كانت مدار البحث في اللقاء المهم في مقر مبادرة «زمزم».

كان اللقاء مفيداً ومثمراً وحوى مضامين عميقة وحوارات ايجابية؛ لأهمية الملفات التي تتعلق بهموم المواطن بشكل يومي، وكذلك الاعداد للقاء كان ذا مستوى عالٍ حيث أحضر معه طاقم الأمانة ومسؤولي الدوائر والأقسام والملفات الرئيسية، حيث تحدث كل مسؤول عن ملفه وما يتعلق بتخصصه بحرفية وخبرة واطلاع واف ومعلومات دقيقة، بعيداً عن الارتجالية والعفوية، حيث يقول الاستاذ بلتاجي أنني جئت إلى مقر «زمزم» متسلحاً بصورة الرحمن، الذي خلق الإنسان وعلمه البيان، والذي رفع السماء ووضع الميزان، وتلا الآيات الأولى منها، واستشهد أيضاً بقوله تعالى: «إنا كلّ شيء خلقناه بقدر»، للتدليل على حكمة الخالق في الخلق والتدبير وحسن التقدير.
يملك الرجل نظرة مستقبلية تقوم على معالجة الملفات السابقة وفقاً لخطة شاملة، وأن عمان ستشهد بعد مرور ثلاث سنوات تشغيل (الباص السريع) الذي سوف ينطلق من دوار صويلح، ليصل إلى البلد من طريقين مختلفين، كما أشار إلى تحقيق خطوات ملموسة في تحقيق قدر من النظافة معقول، يشهد له بذلك كثير من المراقبين، وأنه بصدد نقل الإعمار إلى جهة الجنوب، من أجل استيعاب التمدد السكاني الهائل، حيث أن عمان ينام فيها ما يقارب الأربعة ملايين نسمة، ويزيد هذا العدد في النهار.
عمان التي أصبحت تتمدد على ما يقارب (800كم2) من الأرض تحولت إلى اسفلت واسمنت، ولذلك لا بد من إعادة النظر بشكل جدي بالأبنية الخضراء وانشاء الحدائق، وطريقة جديدة للبناء صديقة للبيئة، والاهتمام بمصادر الطاقة المتجددة، بالاضافة إلى ايجاد سياسة صارمة وحازمة مع مخالفات السير، حيث أن عدد مخالفات قطع الإشارة الحمراء بلغت (82,00) مخالفة خلال عام، وهذا يعد شروعاً في القتل بعرف سياسة المرور مما يستدعي الوقوف الجدي عند هذا الرقم.
ولذلك استطاعت «الكاميرات» الجديدة أن تخفض رقم المخالفات بشكل هائل تصل إلى نسبة (80%)، وانخفضت نسبة الحوادث في بعض مناطق عمان بنسبة (70%) على الأقل، كما أجاب العمدة عن السؤال المتعلق باستضافة الفنانة المصرية (يسرى) فأجاب بأن هذا الموضوع برمته كان على حساب مؤسسة (زها) وليس للأمانة أي علاقة بهذا الشأن لا من حيث الاستضافة ولا النفقات ولا المبيت ولا التذاكر، ولم تنفق الأمانة فلساً على هذا الموضوع فلساً واحداً.
الموضوع المهم هو المتعلق بعمان الجديدة التي تضاهي رؤية الشباب والجيل القادم الفكرية والثقافية والاقتصادية، وكيف نسهم في ايجاد عمان الآمنة التي تحتضن الأطفال وكبار السن بحنان وبلا خوف أو قلق، وكيف نحمي الأسواق من تجار الموت وتجار السموم، وكيف نوجد الشارع الآمن والرصيف الآمن والبناء الآمن والسوق الآمن.
بقي القول أن هذه المسؤولية مسؤوليتنا جميعاً، ولكل مواطن فينا سهم في تحقيق هذه الأمنية، عبر سيادة ثقافة المواطنة الحقيقية القائمة على الانتماء العميق، والحرص الشديد على النظافة العامة، وحفظ المرافق والساحات والشوارع كما يحرص أحدنا على بيته وغرفة نومه.
إن المجتمعات المتقدمة استطاعت ايجاد المدن الآمنة النظيفة الحضارية الجميلة من خلال ثقافة أبنائها المخلصين لوطنهم وأمتهم، الذي يجمعون بين الجوهر والمخبر، في الكلمة والتصرف والتعامل مع المقدرات العامة بمسؤولية وروح وطنية عالية تسمو على ثقافة التخريب واللامبالاة وبلادة الاحساس، التي ترتد سلباً علينا جميعاً.