المرجعية العربية وغياب الدور العربي

أدركت ايران ومنذ سنوات ما للبعد الديني من تاثير في الشعوب ، فالدين يُعد بمثابة المفتاح والشفرة للتغلغل في المجتمعات ، ومن خلاله تمكنت من تكوين كيانات مواليه بنسب متفاوتة تحت مسميات مختلفة: جمعيات خيرية ، مراكز ثقافية ، ممثلين مرجعيات دينية ،. ناهيك عن الفصائل المسلحة ، تحت عنوان المقاومة ، في هذا البلد او ذاك ، وهذه الفصائل على ثلاثة اصناف: محسوبة ، مقربة ، ممولة ، كل هذا لم يكن يحدث ، بغير التأثير الديني ودوره الأساسي في الولاء لإيران ومناصرتها ، وهو نتاج عمل سنوات ، وجهود منظمة في الكثير من الجوانب: فكرية ، واعلامية ، ومالية ، فالسحر الديني يؤثر حتى في الاسخاص غير المتدينين بل لا ابالغ لو قلت حتى في من يدعي انه علماني وبعيد عن الدين 


هذا السعي الايراني يقابله برود عربي رسمي او شعبي عجيب ، رغم ان البلدان العربية متوفرة فيها عوامل اساسية في هذا الجانب ،رأس خيط هذه العوامل هم مراجع الدين المتواجدين في هذه البلدان ، فمن خلال دعم هذه المرجعيات يمكن سحب البساط من تحت المتدخل ، وبناء مصدات حقيقية قادرة على صد امواج الاستغلال الديني 

وهذا لا اعني به خلق الضد النوعي المزيف ، فتجربة الضد النوعي الركيك ، اثبتت فشلها ، اقصد بالضد النوعي الفاشل ، تلك القيادات الدينية التي حاول العرب ابرازها في العراق وغيره ، امثال : مقتدى الصدر ، والخالصي ، وغيرهم ، ممن لا يمتلكون رصيد علمي ، وحضور فكري، يؤهلهم للقيام بدور القائد الحقيقي المؤثر، فرغم الدعم الكبير لم يحقق هؤلاء اي نتائج ايجابية حقيقية واخذ دورهم ينحسر 

يقابل هذا "ضد نوعي حقيقي" ذو نشاط واقعي ، متمثل بمرجعية عربية عرفت بعروبتها وسعيها الجاد لتحقيق توازن ، مع قلة الامكانيات وغياب الدعم ، لكن الشيء البارز في هذه المرجعية، هو امتلاكها وتمتعها بالجانب العلمي الرصين وحضورها الفكري , حتى انها اخذت تؤثر في ابناء كل المذاهب ، وتستقطب اهتمامهم ، وتبث في نفوسهم الولاء للوطن ، وتركز على ما يمكن تسميته، " بالقيادة الذاتية " لكن وللحقيقة نقول ان غياب الدعم العربي وانعدامه ، تجاه هذه المرجعية العربية الحقيقية ، هو ضياع فرصة كبيرة ، لغلق باب الشر المتسغل للعامل الديني ، بل تخيل حجم الخسارة ، لو اشرنا الى خدمة ايران من قبل كل المسميات العربية ، سواء الرسمية منها ، او الدينية ، او الاعلامية، من خلال الخطاب المتشنج ضد الشيعة العرب وهذا يخدم ايران ويدفع بالشيعة العرب الى الارتماء بحضن ايران ، التي يسرها ويغبطها هذا الاعلام والخطاب السلبي الموجه ضد الشيعة ، فمتى يخرج حكام العرب من اطار تفكيرهم الاني اليومي الى تفكير مستقبلي ونظرة ستراتيجية يقول المرجع الصرخي (أما العرب وأقصد الأنظمةَ والحكوماتِ فكما هو المعتاد فان تفكيرَهم لا يتجاوزُ الحيِّزَ المكانيَّ الضيّقَ الذي يعيشون فيه ويومَهم الذي هم فيه ، فنظرُهم يكون قاصرا عادة ، ولسوء تدبيرِهم فاِنّي اُرَجِّحُ اَنَّه ستَقَعُ عليهِم أحداثٌ مفاجئةٌ في أماكن واَزمان غير متوقعة ، قريبة او بعيدة حسبَ مجرياتِ الأمورِ وتطوّرات) .