د. صالح سالم الخوالده يكتب : هَل الشّعبُ الأَرْدُنِيّ هُو الوحيدُ الذي يحبُ وطنَه

 

أخبار البلد - نعم نحبّ وطننا ونهيم فيه هياما، ولا يحتاج الأردني لأنّ يحلف على ذلك في المسجد تحت إشراف وزارة الأوقاف والشّئون والمقدسات الاسلاميّه، وبحضور مندوب من الدّاخليّة مثلاً، أو ما يراه منظّرو الحب الوطني مناسباً، (فالأمر أمركم...) .

ما نشاهده من إلحاحنا في هذه الأيّام على الاعلان عن حبّنا لأردننا بشتّى الوسائل والمساعِدات (لافتات، ملصقات، إعلانات تلفازية وإذاعيّة، واغنيات...)؛ يجعل المتابع في شكوك، وبالتالي تقوده حسب رأيي إلى توقّعين إثنين:

 الأول: هو إمّا أنّنا اكتشفنا مؤخّراً وحديثاً جدّاً بأنّنا نحب الاردن، فقرّرنا أن نفاوضه على هذه العواطف النبيلة و المشاعر الجيّاشه، بعد أنْ نسجّل عنده (جِميلهْ بحبّه) فيقول لنا لن أنسَ معروفكم أبدا، ولكم عندي أوّلة وصاحبها مثلكم لا يُلحق.

وثانيهما: هو أنّنا اكتشفنا بما لا يدعو إلى شك؛ بأنّنا نحن الوحيدون بين الامم والشّعوب الذين يحبّون بلدهم، فالمصريّون، والتّوانسه والسّوريّون، والامريكان والسوفييت واليابان، والاتراك...، وباقي شعوب العالم أجمع؛ هي في منتهى العقوق والنّكران والتّقصير، إذ تخلّوا بدمٍ بارد، وبلامبالاه وبإستخفاف واستهزاء عن حب أوطانهم وبلادهم والانتماء والولاء لها، وأنّ غيرنا من الشّعوب (ياحرآآآم)؛ شعوب لا تُطيق العيش في بلدانها البتّه، ولا تُحبّها...!؟

إنّ تهافتنا وتفاوتنا بالاعلان (فاضي مليان) عن هيامنا وغرامنا للأَردن؛ لا يحتاج جهداً لأستقرائه، ولا يحتاج المُسْتقرِئُ لمهارات تفكيرٍ عليا للاستدلال عليه...، فهل بدأنا ونحن نشعر أو دون أن نشعر وعلى مبدأ أُنصر أخاك ظالماً او مظلوماً بمعناها قبل الإسلام؛ بالتّخلي عن فكرة أنّ الوطن للجميع، وأنّه أضحى (من هان ورايح) لأصحاب الرأي الجاهز ذي القياس الواحد، وانّ كل من يخالفهم في منطلق أو تصرّف هو مطرود من رحمة الوطنيّة، ومتهمٌ بالعمل ضد الوطن؟ 

إنّه من الضّرورة والوجوب أن لا تعني مشاعرنا النّبيلة التي تُظهر أصالتنا من قبل واليوم؛ سوى حبّنا لبلدنا، ولكنّها قطعاً...؛ ليست  اثبات أو دليل على أنّنا الوحيدون الذين نمتلك أحاسيس إستثنائيّة عن باقي الخلق، أو أنّنا الوحيدون الذين يحبّون بلدهم ووطنهم...، فمن البداهة و الفطره أنّ أي شعب في الوجود يحب وطنه...، وليس في ذلك ضربُ من ضروب الخيال، أو فعل من أفعال المعجزات، أو صنف من صنوف النّوادر والتّفرّد... .

حُبّنا للأردن يحتاج إلى دليل عملي دامغ أكثر من الأغاني المحموسة حَمساً دون معنى (مع إحترامي وتقديري لبعضها)، وأكثر من إعلانات (ومسجات) والمرسِل والمرسَل إليه فيهما مجهولان، وأكثر من مسيرات واعتصامات لا تعني بالنّهاية سوى أنّها شكاوى والتماسات، ويمكن أن يسدّ عنها إستدعاء بقلم أحد كتّاب الاستدعاءات أمام إحدى المؤسسات الخدميّة، ولا ضير إن كان لا يحمل سوى الإبتدائيّة أو الاعداديّه؛ المهم (يقرأ ويكتب)، وأكثر من مكالمات ساذجة بلهاء في برنامج اذاعي أو تلفازي، وأكثر من أن يتّهم بعضنا بعضا، وأنّ هذا وطنيٌّ حبّيب، وذاك مُفتنن خرّيب... .

دعونا نؤمن أنّ الوطن ولي أمر عائلتنا الأردنيّة، وجميعنا أبناؤه ونتفق ونختلف فيه وعليه، فمنّا السّعيد ومنّا الشّقي، ومنّا العاقل والجاهل، ومنّا المجتهد المصيب والمُخطيء، فإذا كانت (مصارين البطن تتهاوش مع بعضها)؛ فما بالك بوطنٍ يضمُّ الملايين من الشّرفاء والكرماء، واختلاف الأصابع في اليد الواحده؛ لا يعني انّ هناك إصبع افضل أو أهم من  الآخر، لا بل جميعها في اليدّ ضروريّة و لا يمكن بأي حال استغناء أو حذف اليد لإحداها، حفاظاً على جمالها، وأن لا تُنعت على أقلّ حالٍ بأنّها يدٌ ناقصة أو مبتوره أو مَشوبه، فيُطمع بعجزها مهما كان ضئيلاً ، فهو بالنهاية عجزُ ملموس ويقود إلى ضعفٍ أكثر أو أكبر... .

وهديتي لكل أردنيٍّ هي:

v    الوطنيّة الصّادقة هي التي تعمل ولا تتحدّث عن نفسها (محمود سامي البارودي).

v    الوطنية تعمل ولاتتكلم.

v    حب الوطن أقوى من كل حجج العالم.

v    لا مكان كالوطن. 

v    مثل الذي باع بلاده وخان وطنه مثل الذي يسرق من بيت أبيه ليطعم اللصوص فلا أبوه يسامحه ولا اللص يكافئه.

v     الوطنية خدمة وليست كلمات لامعنى لها.

v    إن الرجل مدين للوطن بالروح (هذه الأقوال عن: منتدى الإدارة العامة للتربية و التعليم في منطقة القصيم).