بيت عزاء مفتوح

تتحوّل زاويتي إلى بَيت عزاء، وتحتلّ الرثائيات كلماتي، وتبدو حروفي وكأنّ التأبين سكنها، فالرحيل يلفّ الأصدقاء بعباءته ويمضي، والموت في مطلق الأحوال يستغرق شوارع العرب، وأعرف من خبرتي الصحافية أنّ الجرحى يكونون عادة ضعف القتلى، على الأقل، ولكنّهم عندنا يكوّنون أقلّ من النصف، فالموت هو العنوان.
وأتمنى، في كلّ صباح، أن أسمع خبراً مُفرحاً يمكن الكتابة عنه، وأبحث، وأبحث، عمّا يُمكنه أن يجعل الزاوية اليومية، ولو ليوم واحد، مصدر بهجة، ولكنّني أباغتُ بهاتف ينعي صديقاً، أو بصورة وليد عربي شوّه وجهه حريق، بعد أن قُصفت دار أهله بصاروخ عربيّ.
بين هذا وذاك، يأتينا خبر رحيل الكاتب الأردني الكبير جمال أبو حمدان، الصديق الذي ظلّ شقيق روح عشرات السنوات، واستأهل حبّ الجميع لا لكونه من الكتّاب الأردنيين القلائل الذين تخطّت أعمالهم الحدود محلياً وعربياً ودولياً، فحسب، بل لأنّه امتلك روحاً شفافة عكست شخصية آسرة لكلّ من عرفه.
الموت علينا حقّ، وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت، وهذا ما جرى مع جمال حرفياً، فقد مرّت أموال كثيرة بين يديه خلال حياته ولكنّه لم يستطع تغطية تكاليف علاجه، ورحل ودُفن في أميركا وعينه على حبيبته عمّان.