أولوية الإصلاحات بدل الحرب

مستقبل سورية ليس عنوانا لاحد من اطراف الصراع فيها وعليها بدلالة ان حجم الدمار فيها لا يشغل احدا ولا اعادة اعمارها ايضا وكذلك ما آلت اليه اوضاع الناس من تردٍ او حتى الالتفات الى مصيرهم النهائي للذين فيها او تشردوا منها. والعنوان الوحيد المتداول في الازمة السورية بين الاطراف كافة هو مصير بشار الاسد، وفي كل المحافل الذي جرى بحث الازمة فيها كان الحديث يبدأ من عند الرئيس وينتهي عنده، وهو محدد بالاصرار من طرف على ضرورة انهاء حكمه ومن الاخر باستمراره، فيما سقطت كل حلول الوسط حوله والتي منها ضمان مغادرته سالما، وقد حددت في مرة موسكو لتكون مقرا له ولم يفلح الامر، والحال عالق على ذلك حتى الان، واكثر من يصر على مغادرة بشار هو سعود الفيصل والامر علني في هذا السياق.
الان في اليمن، تقود السعودية مع حلفاء حربا فيه، وهي مصممة على تحقيق اهدافها، وقد مضت عشرة ايام على شن الغارات الجوية ولم تصدر اشارات عن تراجع الطرف المقابل وانما مزيد من الاستعداد للمواجهة، وبطبيعة الحال ترفض السعودية ان يسجل عليها فشل حملتها، وعليه ستستمر بحربها، وهي ان لم تحسم سريعا فانها مرشحة ليستمر حالها سنوات لتظل مفتوحة كما هو الوضع في سورية.
الرئيس الامريكي صرح امس ان الخطر على دول الخليج داخلي وليس من ايران وقال انها من حالة التذمر والبلبلة التي يعيشها الشباب فيها وانه ينبغي معالجة اوضاعهم بعد ان يئسوا من حلول سياسية لمشاكلهم. وفي واقع الحال ان السعودية اكبر دول الخليج تتحمل المسؤولية في اتخاذ ما يلزم لنقل دول الخليج الى واقع سياسي واجتماعي جديد يؤمن الغاء الفوارق فيما بينها على اساس نقل مجتمعاتها الى الحالة الطبيعية وتأمين متطلباتها بدل الاستمرار في البحث عنها في الخارج.
الذهاب الى سورية او اليمن لا يمكن اعتباره تصديرا للازمات الداخلية او الهروب منها بقدر ما هو واقع تفرضه سياسات وعلاقات اقليمية، غير ان في ما يقوله اوباما ما يمكن اعتباره عدم ترتيب للاولويات، وربما الاجدر فعلا العناية بالاوضاع الدخلية اولا.