رسالة غير مفهومة لـ"العرب اليوم"

منذ لحظة الاقتحام الامني المكثف لصحيفة العرب اليوم صباح الاثنين، ووجود باصات الدرك امام مبناها، ونحن نحاول ان نقنع انفسنا ان هذا اجراء تم اتخاذه بالخطأ البيروقراطي، لانه كان من الممكن ان يأتي مندوب تنفيذ محكمة البداية ورجل أمن واحد، ويتحقق له ما تحقق لكل هذه القوة الامنية التي اقتحمت صحيفة العرب اليوم، لكن معظم المحيطين بنا يؤكدون ان رسالة ما ارادت جهة متنفذة ان توصلها "للعرب اليوم"، وعلينا ان نعي الرسالة ولا ندفن رؤوسنا في الرمال، هناك جهة ما لا ترغب بوجود "العرب اليوم".

لكن برغم كل ما حصل فاننا علمنا ان مديرية الامن العام شكلت لجنة للتحقيق فيما حصل، ومن قرر تحريك كل هذه القوة الامنية لتنفيذ قرار في قضية عمالية، كما وصلنا حجم الغضب والاستهجان من قبل رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور على ما حدث، واستمعنا الى ملاحظات من كبار الشخصيات السياسية والبرلمانية والقضائية عبرت عن استغرابها مما جرى.

لا يمكن ان نفهم ان رسالة ما قد تصل الى "العرب اليوم" يعلن اصحابها عدم رغبتهم في وجود الصحيفة على طاولة المسؤولين في البلاد، مع قهوة صباح الاردنيين، سوى الذين يتحسسون رؤوسهم، وكما يقول المثل الشعبي: "اللي على راسه بطحه بحسّس عليها"، لأن "العرب اليوم" جزء من مؤسسات الاعلام الوطنية التي تحاول ان تنقل صورة ايجابية عن الاردن ورسالته، وتعمل على تصحيح الاخطاء ما امكنها ذلك.

لم تفعل "العرب اليوم" خلال السنوات الاخيرة شيئًا تخجل منه، فليست هي الوحيدة بين مؤسسات البلاد الكبيرة التي اضطرت لاعادة الهيكلة وتصويب الاوضاع، وهو القرار الذي تدفع باتجاهه الحكومة ومجلس النواب، الآن، صحيفتي الرأي والدستور لاتخاذه لمعالجة الاوضاع الصعبة التي تمر بها الصحافة الاردنية، وهو ما قد تضطر الى فعله مؤسسات كثيرة في البلاد.

في السنوات الاخيرة، وقفت "العرب اليوم" في وقفتها الاعلامية الوطنية المهنية مع البلاد ما لم تقفه مؤسسة اخرى على الاطلاق، فهي التي دعمت موازنة الدولة وصندوق المحافظات بنصف مليون دينار، ودعمت مهرجاني جرش والفحيص بـ 120 الف دينار، ووصل الدعم الى التبرع بقوقعات لاطفال محتاجين، ولم تبخل على اية مؤسسة او هيئة ثقافية او اجتماعية بالدعم والمساندة، فما هو الذنب الذي ارتكبته كي تعامل بهذا الجفاء والشماتة من اطراف كثيرين.

من شاهد الوجود الامني حول مبنى "العرب اليوم" واقتحام مكاتبها بعشرات رجال الامن، يعتقد ان عصابة مسلحة تتحصن في "العرب اليوم" مع ان الجميع يعرفون ان كل الموجودين في الصحيفة من أرق واسلس الاردنيين، ولا تغيب الابتسامة عن وجوههم مهما كانت الظروف، وملتزمون بالقانون، ويعملون على تنفيذه، كيفما يقرر القضاء العادل.

معظم الأخطاء التي تقع في البلاد هي نتيجة عقلية أمنية لا تزال غير منسجمة مع المتغيرات، وغير متطابقة مع خطاب الإصلاح، ولا مؤمنة به، لذا تقع الأخطاء وتتحمل بعض الأجهزة المسؤولية عن خشونة ممارستها.

لقد حضر مع القوة الامنية عناصر من قوات الدرك التي يؤشر وجودها الى احتمالية خشونة متوقعة قد تحدث في أية لحظة، فهل كان احد من الجهاز الامني يتوقع مقاومة من قبل الموجودين في "العرب اليوم" للقوة الامنية.!