أنماط الشخصية الأردنية الطارئة


ماذا لو قامت مؤسسة بحثية بمحاولة تصنيف الأردنيين بحسب أنماط رغباتهم التي تندرج عادة تحت انماط اربعة كما في التصنيف العالمي: نمط الراغبين بحل المشاكل وهؤلاء موجودون في الحياة وينتظرون لحظة ارتداء اللباس الرسمي او التقليدي للذهاب لحل المشكلة بمحبة ورغبة , وهناك نمط الباحثين عن المعرفة حتى لو بالفضول الممل وهم لا ينتظرون ربحا , ثم نمط الساعين الى الشهرة بصرف النظر عن ثمنها أو استحقاقاتها والنمط الأخير هم نمط الباحثين عن المال والثراء ومعيار النجاح عندهم عدد الاصفار على يمين الرقم الصحيح , وهذه اصناف الشخصيات البشرية بحسب انماط رغباتها واحلامها الاجتماعية .

ستكتشف تلك المؤسسة البحثية ان هناك صنفين نجحت الشخصية الاردنية في ادخالها الى علم الانماط العالمي , بحيث تصبح الانماط ستة بدل اربعة , الشخصية الخامسة او النمط الخامس هو الشخص الراغب بجمع كل الانماط السابقة في شخصية واحدة فهي تبحث عن حل المشاكل حتى لو صنعتها من اجل الحل وتبحث عن المعرفة في كل صنوف المعارف وتريد المال وتريد الشهرة ووجدت تلك الشخصية ضالتها في السلطة او الموقع الرسمي القادر على توفير كل الانماط وخلطها في شخصية واحدة , لذلك سرت حمى التوزير والعينية والنيابة في كل الاوصال والاهم ظهر مصطلح غريب مفاده " ليش مش أنا " حتى لو كان المنصب نوويا وهو دارس للتاريخ .
الشخصية السادسة التي ابتكرتها الحالة الاردنية بغرابة شديدة هي شخصية " يا لعِّيب يا خرِّيب " فهي تريد ان تلعب في كل الملاعب ولها وجهة نظر جديرة – بحسب رأيها – بالاتباع في كل القضايا من طريقة لعب المنتخب الوطني الى طريقة ادارة الاقتصاد الى اسباب تحطم الطائرات الى آخره , وهي شخصية غريبة لا تؤمن بالتخصص ولا تعترف الا بما تقول ولعلها الشخصية التي ظهرت او عبّرت عن نفسها في موسم الربيع العربي , فهي بداية قادمة من المجهول بمعنى ان المجتمع لم يسمع بها من قبل , وظهرت مثل الفُقع في اول شتوة شعبية على الشوارع والارصفة وتمتلك كل المعلومات وتمتلك الحقيقة الكاملة .
الشخصيتان الاخيرتان حاضرتان بقوة في المشهد , وتجدهما في كل المواقع والتجمعات تملآن الدنيا ضجيجا ومحاولة جذب الاضواء وشراء الحضور بأي ثمن وبأي طريقة حتى لو حمل طابته ونزل الى الملعب ضد الفريقين , وسرعان ما تهزّ رأسها عند سماع رأي مخالف وأظنها تعتقد جازمة أنها اخترعت العجلة ولم يسبقها أحد قبل ذلك , تعرف ما يجري في اليمن بالتفاصيل وتعرف عصابة داعش بالاسم كما تعرف نجوم الاندية , وتعرف مواطن الخلل واسبابه والحلول اللازمة ولا تترك شاردة ولا واردة وهي شخصية مظلومة تجاوزتها الدولة لأسباب خفية حد اللحظة فهم الاجدر بالمنصب وهم الذين استحقوا الفوز وَهم وَهم .
هذه الشخصيات تنمو بسرعة وتعتقد أنها قادرة على تحقيق المستحيل ولا تعترف بغيرها , وللأسف فإن فيروسها آخذ بالانتشار واصاب جيل شاب جديد بات يرفض كل الانماط الاجتماعية وهذه الشخصيات تستثمر في مظلومية موجودة عند قطاع واسع من الأردنيين تتعلق بقشّة الحلول للنجاة من الظروف الصعبة , وما زالت أدوات الدولة قاصرة عن التعامل مع تلك الشخصيات وعلاجها تارة بهيبة القوانين وتارة بتجفيف منابع الغضب والعتب ورفع درجة المسؤولية الاجتماعية عند الجميع من خلال تعظيم المشاركة بصنع القرار والإحساس بأن القرار نابع من الناس وليس مفروضا عليهم .
هناك أنماط غريبة تنمو بين ظهرانينا ولا نلتفت لهم وأخشى أن كلأاطباء علم الاجتماع والنفس لن يجدوا لهم علاجا لاحقا وحينها سنصبح مجتمعا يعاني من التوحد .