عمان ماذا بعد الجمعة ؟ !
أزمة كبيرة نواجهها، بكل ماتعنيه الكلمة، والاضطراب والتوتر يطلان برأسهما علينا، ولا احد يفتي بكيفية مواجهة هذا الوضع.
الدم سال في عمان، وتوفي انسان، وتمت الاساءة بشدة الى صورة الاردن، وسمعته وتبدى وكأنه بلد دموي، ولم يعد ينفع الحديث عن عقدة دوار الداخلية وحساسية الموقع، ولماذا ذهب المعتصمون الى هناك، لأن الدم سال، فغطت قصة الدم على كل اعتبار؟.
الدم الذي سال في عمان، قد يلجم المشهد قليلا، لكنه تسبب بغضب عام، وبشعور بالأسى، وقد يسكت كثيرون، غير ان الأغلبية مجروحة من المشهد، ومذعورة من نتائجه الاستراتيجية على الاستقرار.
أي استثمار وأي مال سيأتي الى البلد ؟! علينا أن نتوسل الى الله ألا تفر رؤوس الاموال العربية والاجنبية والمحلية بعد هذه المشاهد وحسابات كلف مضاعفاتها.
الاتهامات تخنق الجو العام، والاضطراب يتبدى حتى في تعبيرات المسؤولين، ورئيس الوزراء تارة ينتقد الإسلاميين ويلوح لهم بالعين الحمراء، وتارة يقول انه يحترم المعارضة وحزب جبهة العمل الاسلامي ومستعد للحوار على طريقة العصا والجزرة.
هناك اختناق عام لابد من ازالته، والذين يتصلون بنا من خارج الاردن يعتقدون ان الأردن على وشك الانهياروان البلد على مشارف فتنة او اضطراب عام ولا تنفع شروحاتك في التخفيف من وطأة الصورة لأن الضرر في الصورة تجاوز حد التجميل.
لجنة الحوار الوطني انهارت ومجلس النواب ليس له مكان مؤثر في حياة الناس والتراشقات بدأت تطل على اساس اقليمي للأسف الشديد، باعتبار ان جماعة الإخوان المسلمين تتحالف مع كتلة سكانية تريد تخريب البلد ونجد من يغذي هذه الافكار السلبية!.
أي خطر بعد ذلك ؟ أي خطر بعد اطلالات التقسيمات الاقليمية والجهوية والتنابز بالألقاب،والتحشيدات على اساس سياسي وغير سياسي؟.
الوضع الاقتصادي في اسوأ حالاته والديون بلغت مبلغاً فلكياً والعالم لم يعد يدفع مالا اما لأن العالم مل من الدفع دون رؤية المال منساباً بين يدي الناس او للاعتقاد بوجود فساد واما لأن هناك من يريد ادخال البلد في حالة التعليق بانتظار ما ستؤول اليه الأمور.
اعتصامات واضرابات في كل مكان ومطالب شعبية ومهنية واجتماعية واطراف اخرى تلقي الخشب في الموقد لاعتباراتها لإشعال حريق كبير في هذا البلد وتبادل «الطواقي» بات عنواناً فلا تعرف المعارض الاصيل من المستجد ولاتعرف الى اين تؤخذ الامور؟.
ورغم كل ذلك نكتشف ان هناك صمتاً غريباً وعدم وجود من يدير المشهد ولا من يضع الحلول،ولا من يجري جردة حساب للداخل الاردني، لينقذنا من مشنقة الظرف الاقليمي، وتسأل نفسك:ماذا ينتظرون وعلى ماذا يركنون؟!.
لا تسويد للصورة، هناك ايجابيات كثيرة في حياتنا، لكننا نتحدث عن ازمة كبيرة بحاجة الى تفكيك، ولا تلمس أية محاولة جدية لتفكيك هذه الصورة، التي تحولت الى عبء ثقيل يوماً بعد يوم على العصب العام.
لا الحكومة قادرة على الاستمرار بعد الدم الذي سال في عمان، ولا مجلس النواب قادر على تعبئة الفراغ، والخلاف على الاصلاحات ومفهومها على اشده، والناس مضروبون على رؤوسهم من شدة مخاوفهم.
نريد صوتا كبيراً يخرج علينا بحلول محددة تضم عشرات النقاط، المرتبطة بتاريخ زمني محدد،وان تكون هناك جرأة بتحميل المخطئ مسؤوليته. نريد صوتا يزيل الهلع الذي بات في صدور الناس.
وكأننا سفينة تتخاطفها أمواج البحر، فلا نملك إلا الدعاء لله ان يلطف بنا وبهذا البلد العزيز.