الدين العام يصل إلى مراحل خطيرة

أخبار البلد - محمد علاونة

من المرجح أن تطرح الحكومة إصدارا جديدا من سندات اليورو بوند في الأسواق العالمية بكفالة الولايات المتحدة قبل نهاية الشهر الحالي بقيمة 1.5 مليار دولار، بعد إصدارات بقيمة 1250 مليون دولار في عام 2013 ومليار دولار عام 2014.
الترويج لتلك الإصدارات على اعتبار أنها بفائدة مخفضة يمكن أن تكون أقل من 2 في المئة، غير مفهوم بعد أن تجاوزت قيمة الدين العام ال21 مليار دينار، بحسب بيانات رسمية وبلوغ خدمة الدين نحو المليار دينار، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية وأن تبقى معدلات النمو دون 3 في المئة.
لا ندري على ماذا يعتمد المسؤولون في البلاد في تراكم تلك الديون والتي تجاوزت 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي إن كانت أرقام الحكومة صحيحة بتضخيم الناتج، غير ذلك يمكن أن تكون النسبة أكثر من 85 في المئة وذلك يعني مؤشرا خطيرا يمكن أن يهدد وضع الدينار والاحتياطي إذا ما تجاوزت النسبة 100 في المئة.
بعضهم يروج إلى مكانة الأردن في المحافل الدولية، وبخاصة إذا كان طرح السندات بضمانة أمريكية، وهو كمن ينفخ في قربة مخروقة، فهي بالنهاية ليست مساعدات ومنحا بل قروضا ستستحق لاحقا وبفوائد حتى لو كانت متدنية، في نفس الوقت تأتي لسد عجز موازنة أو تحت بند النفقات الجارية، بمعنى أنها لن تكون في مشاريع مجدية منتجة يمكن الاعتماد عليها في السداد.
الاعتماد على الديون بهذا الشكل في ظل مؤشرات متدنية مثل النمو والتصدير ومرتفعة مثل العجز والتضخم يعني أن المسؤولين ما زالوا يعيشون العقلية القديمة التي تسلك الطرق السهلة دون البحث عن موارد أخرى، والاستفادة على الأقل من انخفاض أسعار النفط والتي غالبا ما كانت حجة في زيادة العجز. واليوم الأرقام كما هي انخفضت أسعار النفط أم لا.
الاعتماد على المساعدات أيضا فيه شيء من الاتكال على الآخرين وعلى مصادر يمكن أن تكون غير مضمونة، وما كان لافتا رد أحدهم على تذمر المسؤولين من تأخر المساعدات من بعض الدول الخليجية بسؤال «لماذا تسكتون؟» وكأن من حقنا تلك المساعدات لبلد مازال يتلكأ في دعم القطاعات المهمة مثل الصناعة والزراعة وحتى السياحة ضمن سياسات متعاقبة خاطئة نجني تبعاتها الآن.
صحيح أن للأردن بعدا عربيا وما يواجهه من صعوبات بسبب أوضاع الإقليم، وتحديدا استضافة اللاجئين سواء من سوريا أو من دول أخرى يستحق المساعدة والدعم، لكن شريطة أن يتوازى ذلك مع ترشيد في النفقات والعمل الجدي على تأسيس مشاريع مجدية، على الأقل السير جديا في مشاريع الطاقة البديلة التي تعترضها بين حين وآخر عقبات وعثرات.
اليوم بالإمكان تدارك الوضع وتكاتف الجهود، أما غدا فلا ندري ما تخبِئُه الأيام إذا ما تطورت الأوضاع في المنطقة وذهبت باتجاه الأسوأ؛ فسنكون قد أخطأنا في حقنا وفي حق الأجيال القادمة التي ستجد نفسها مضطرة إلى سداد دين حازت عليه حكومات بدون حق منطقي، وضمن خطط غير مفهومة.