التنازلات الإيرانية في الملف النووي تكتيك مرحلي أم غباء سياسي


المتابع لمفواضات الملف النووي الإيراني في آخر ما توصلت اليه يجد ومن حيث المعطيات الأولية وبناءا على ما جرى في مدينة لوزان السوسرية إن هناك انفراجة كبيرة قد وصلت إليها مجموعة 5 +1 فقد صرحت المتحدثة باسم الاتحاد الأوربي فريدريكا مورنس بالوصول إلى حلول تمهد الطريق لصياغة مسودة الاتفاق فيما اعلن مسئولون اميريكيون بأنه سيتم تفكيك مفاعل أراك النووي وسوف لن تحصل إيران على مادة البلوتونيوم بالإضافة إلى تحديد نسبة تخصيب اليورانيوم وستتم المراقبة الدورية لمفاعلات ايران من قبل الأمم المتحدة . الإيرانيون من جانبهم أعلنوا عن هذا التقدم مشيرين الى أن الحضر المفروض عليهم سيتم رفعه تدريجيا . وبالحسابات السياسية وبخلاف ما يحاول الإيرانيون تصويره لا يعد هذا الأمر تقدما او انتصارا إليهم وإنما هي هزيمة ساحقة قد منيت بها إيران . فأي انتصار هذا بعد أن تراجعت كل هذه الخطوات التي كانت حققتها وكان ثمنها حصارا خانقا على الشعب الإيراني.
إيران تدرك جيدا إن ما يحصل معها هو أشبه بسيناريو نزع أسلحة الدمار الشامل العراقي .والذي كان يمثل الخطوات الأولى لإسقاط حكومة صدام وهي تعلم إن ذلك لم يحقق للحكومة العراقية السابقة فرصة البقاء بعد أن تنازلت عن كل شيء ,إن إيران بهذه التنازلات إنما تحاول دفع خطر التفكك فهي لن تستطيع خوض الحرب في كل من العراق وسوريا واليمن ومجابهة العالم ببرنامجها النووي الذي قد يسبب ردة فعل عالمية لم تكن في الحسبان.

لكن ومع ذلك ومع هذا التراجع ومع تلك الخسارة في الملف النووي تدرك إيران جيدا إن زحف لايزال قادم باتجاهها فعاصفة الحزم بعد أن يتم الانتهاء من اليمن بما فيها من أهمية سترتيجية من مضيق هرمز ومضيق باب المندب . ربما سيكون الهدف الثاني لها هو سوريا العمق الإستراتيجي الآخر الذي يؤمن لها الوصول إلى سواحل الأبيض المتوسط وقد تتوسع باتجاه العراق نافذتها الرئيسية إلى العالم العربي . عند ذلك ستجد إيران أنها فقدت كل شيء وأصبحت محاصرة بالكامل ولن تستطيع تهديد المصالح الامريكة في المنطقة بعد أن فقدت اذرعها , لهذا راحت تناغم الولايات المتحدة في العراق بأسلوب شيطاني رقصت معه امريكا .إن إيران وكما قال السيد الصرخي تفكر بغباء فهي تعتقد إنها تستطيع أن تلتف على قرارات الأمم المتحدة بعد رفع الحصار عنها وسوف تحتاج إعادة الحصار إلى قرار جديد لن توافق عليه روسيا نظرا للتطورات السياسية الأخيرة وبذلك ستكون التنازلات التي قدمتها للدول في مفاوضات لوزان عبارة عن استراحة محارب أما بخصوص البلدان العربية فإيران تعلم جيدا إن بقاء الحصار لن يمكنها من مواجهة العرب فيما لو أصرت على برنامجها النووي وخوصا بعد أن تم الاتفاق على أنشاء قوات عربية مشتركة وبذلك ستفقد نفوذها في البلاد العربية وستنهار اقتصاديا فاضطرت للتضحية ببرنامجها النووي عبر إستراتجية غبية , إما أمريكا التي أبدت انفتاحا فهي ترى أن هنالك دورا لم ينتهي بعد ولابد أن تقوم به إيران في المنطقة وهو مشروع الشرق الأوسط الجديد أو مشروع بايدن التقسيمي الذي يقوم على أسس طائفية ولا يمكن انجازه بدون إيران , إذن فلابد من أن يمضي التوسع الإيراني والاقتتال الطائفي وتتورط أكثر عند ذلك وبعد أن تضع إيران حجر الأساس للمشروع الصهيو أمريكي في المنطقة سيتم التعامل معها في دوائر الأمم المتحدة على أنها دولة راعية للإرهاب والتطرف في المنطقة رسميا ولربما كما حدث للعراق بعد أن جابت فرق مفتشي الأمم المتحدة كل مؤسسات الدولة صدر القرار باجتياح العراق على انه يمتلك السلاح النووي, ولربما سيحدث ما يشابه هذا السيناريو مع إيران عند ذلك ستكون إيران ومفاعلات النووية في مرمى قاذفات القنابل الدولية وخصوصا أننا نرى أن بوادر الانتفاضة قد بدأت في إيران في منطقة الاحواز العربية .