التضخم المصطنع
أصبح إرتفاع مستوى الأسعار أو ما يعرف بالتضخم هو أكثر موضوع يقلق الناس ويخيفهم بإعتباره السارق الذي يقتات على دخولهم ويقلصها ويرفع من تكاليف الحياة عليهم.
والمؤلم أنا أصبحنا نستسلم له بإعتباره حقيقية مسلمة تحدث عند جميع الدول ولا يمكن الوقوف في طريقة بإعتبار الأسعار هي دوماً بإرتفاع مبرررة بإرتفاع اسعار المستوردات والضرائب التي تفرض على السلع والخدمات والتي تضاف هي أيضا ً على الأسعار وأسعار الطاقة دوما بإرتفاع والتي تنعكس على أسعار النقل وتزيد من تكاليف الإنتاج .
نعم ما تم ذكره هي العوامل التي تسبب التضخم لكن ما يحدث على ارض الواقع هو امر مختلف ؛ ما يحدث هو تضخيم لآثار هذه العوامل والإستمرار في المبالغة بالتحدث عن تأثيرها حتى بات الأمر أقرب الى عملية مبرمجة من قبل التجار لإقناع المستهلكين والمنتفعين أن الزيادة في اسعار السلع والخدمات امر حتمي ومتسارع ولا يمكن حسابه بسهولة لتبرير الفوضى السعرية التي تحدث الآن في المستوى العام للأسعار .
فالموضوع ليس زيادة طلب أو مشاكل تعاقب الفصول الأربعة أو تضخم نستورده من خلال إستيراد تلك المشتريات أو حتى طاقة وإنما أصبح فوضى قطاعية سعرية توجدها النشاطات التجارية المختلفة جعلت معها التضخم عملية مبرمجة كهدف لزيادة هوامش الربح لديهم .
لا يمكن للهامش الربحي أن يتفاوت بين الأسبوع والآخر ولا حتى بين الشهر والآخر ولا يمكن أن تكون هناك وثبات وقفزات مختلفة الأحجام والسرعة بهذه العشوائية التي نلحظها كل يوم والتي أصبح السيطرة عليها موضوع في غاية الصعوبة حتى عندما أضفنا كلمة " التموين " لتصبح وظيفة من وظائف وزارة الصناعة والتجارة .
ولو قارنا الأردن بدول أخرى متامثلة في صفات الإعتماد الشديد على المستوردات من السلع والخدمات لوجدنا أننا سبقنا تلك الدول في مستويات التضخم وسرعة تغيرها حتى مع وجود طلب عالي في تلك الدول نتيجة إرتفاع مستوى الدخل فيها .
لا يمكن وبأي حال من الأحوال تبرير ما يحدث من بعثرة سعرية وخصوصا في ظل إستقرار مؤشرات إستقرار الدينار الأردني ما لدينا الآن هو عملية مستمرة لخلق التضخم المصطنع لرفع هوامش الربح للتجار والموردين والبائعين والموزعين في غياب الالية التي يمكن أن تتحكم بالمستوى العام للأسعار .
E-mail: salrjoub@hu.edu.jo