هنا لندن

مرّت سبع وسبعون سنة، وما زالت كلمتا «هنا لندن»، ودقّات ساعة «بيغ بن» المميّزة، المؤشر الذي يعتبره عشرات الملايين مدخلاً لسماع الأخبار الموثوقة، ومتابعة ما يجري في أنحاء العالم من أحداث سياسية وإقتصادية وإجتماعية.
«افتح على لندن حتى تعرف حقيقة ما يحدث»، مقولة عربية كانت وما زالت لا تعني انتقاد وسائل الإعلام العربية فحسب، ولكنّها تؤكد معنى قناعة الناس بمصداقية، ومهنية، هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، على الرغم من أنّها «راديو» تأسس في عزّ الفترة الاستعمارية.
«بي بي سي» تحتفل هذه الأيام بالمناسبة، وتستعرض أرشيفها الثري الذي يمكن القول إنّه يمثّل تاريخ المنطقة، لا سياسياً حيث الحروب والنزاعات والانقلابات والثورات والهزائم فحسب، ولكنّه يتضمّن الخزانة العربية التي تحتوى على كنوز ثقافية وفنية لا يمكن تصوّر أنّ هناك إذاعة عربية تمتلكها في حال من الأحوال.
«بي بي سي» لم تكن موضوعية على الدوام، فقد كانت تخوض معارك لندن في المنطقة، ولكنّها ظلّت مدرسة مهنيّة تُتقن الفُصحى، وأدوات التقديم الراقية، ويدلّ على ذلك أنّ أهمّ مذيعي العالم العربي الذين توزّعوا على مختلف الوسائل كانوا من خريّجيها، ولهذا نقول لها: كلّ عام وأنت بخير.