العلاقة الأردنية السعودية مرة أخرى

صحيح أن مشاركة الأردن في عملية «عاصفة الحزم» التي تقودها السعودية في اليمن تبدو متواضعة بحسب الإمكانات المتوفرة، لكنها إشارة مهمة وقوية نحو العلاقة بين البلدين، وبخاصة أن أحدا لم يستطع بعد فك طلاسم زيارة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية ناصر جودة الأخيرة إلى إيران.
سمعنا الكثير من المسوغات والمبررات ولم يكن اي منها مقنع وتحديدا المتعلق بمخاوف اقتراب قوات محسوبة على إيران –حزب الله وغيره- من الحدود، بدليل أن توازنات القوى هناك تختل ويتم إعادة ضبطها كل يوم إن لم يكن خلال ساعات ويكفي مراجعة الأحداث الأخيرة في إدلب.
هذا ليس موضوعنا، وإن كانت تصريحات مصدر مسؤول حول المشاركة تبعث الطمأنينة بأن الأردن يعرف عمقه الاستراتيجي في بلد مثل السعودية على اعتبار أن أمنها واستقرارها مصلحة استراتيجية عليا، ذلك كان يتناقض ومن هم أوصياء بالفطرة على الدبلوماسية الخارجية عندما دافعوا عن زيارة جودة واعتبروا طهران خيارا استراتيجيا ولد حديثا في خضم «معمعة» يعيشها الإقليم.
هم أنفسهم اليوم يعادون إيران بعد أيام فقط من الترويج لزيارة عمار الحكيم ولاحقا يمكن مقتدى الصدر بل التبجح وصل لدرجة أن هنالك من ألمح لأهمية زيارة قاسم سليماني، حتى إن وزير السياحة والآثار وزير البيئة نايف حميدي الفايز لم ينتظر طويلا بقوله إنه لا يوجد ما يمنع استقبال السياح الإيرانيين بالمطلق، وأن هناك أعدادا منهم تصل البلاد سنويا لغايات السياحة الدينية، قبل أن يستدرك أن الإيرانيين من الجنسيات المقيدة التي تحتاج الى تأشيرة لزيارة الأردن.
المقصود أن حالة التناقض التي تعيشها الدبلوماسية الأردنية تجاه الملفات الإقليمية انعكست بالضرورة على من يؤيدونها من ساسة وإعلاميين ومحللين وجعلتهم يتناقضون في رؤاهم حول الوضع، بل أن بعضهم ارتبك لدرجة أنه عبر عن إيران بأنها دولة عربية شقيقة وآخر أخطا عندما تلفظ بان اليمن إيرانية، غير ذلك هناك من لا يعرف أهمية القات في بلد شبه مخدر، وأذكر لقاء لعلي عبد الله صالح المخلوع مع قناة «أم بي سي» كان قد خزن كميات كبيرة من القات ويمكن العودة للارشيف.
بين قاتنا وقاتهم مسافة، هذا صحيح أما ان ننتظر أن تحسم القوات الجوية المعركة فهذا أمر بالتأكيد غير صحيح، على الرياض سريعا أن تتدخل بريا وبمساندة حلفائها لفرض أمر واقع يستند للشرعية هناك، وألا نبقي حتى اقصر الفرص لمن يناهضون اليوم ويؤيدون الغد أن يحدثوا اي تحول كان سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي.
إذا كان للأردن ومصر علامات استفهام، يبدو أن الفرصة الآن مواتية لإزالتها؛ فمن جهة تعود السعودية من جديد كحضن عربي كما عهدناها ويعود أصدقاؤها الشرعيون مرة أخرى لهدف واحد فقط أننا نحافظ على أنفسنا من جديد.