شحادة ابو بقر يوجه رسائل الى الاخوان وكل الحكماء في البلد :
السلام عليكم ورحمة الله وبعد،،،
بلدنا الغالي في شده، والناس فيه نزقون منقسمون في الرأي والتوجه والطموح، والفتنة اللعينة تطل برأسها المقيت وبتسارع، والكل يطلب ويطالب، الجاهل والعاقل على حد سواء، والجميع متأثرون بذلك الطوفان المتصاعد في دنيا العرب، البعض يعي تماماً ما يريد ويصبو، والبعض لا يدرك عواقب الأمور فيذهب بعيداً دون أدنى تقدير للنتائج، الكل ينادي بالإصلاح، وهنا ينقسم الناس حول ماهية ذلك الإصلاح المطلوب!، واللغط واللغو في تسارع وازدحام، تصفية الحسابات وردّات فعل العتب والغضب لمصالح شخصية أمر قائم وعلى أشده، والكلام "الغث" يأخذ مكانه بامتياز دون أدنى وازع من ضمير أو إحساس بمسؤولية!.
هذا حال مائل، وهو يزداد ميلاً عندما تفتقد الأمة عقلاءها وحكماءها القادرين على وزن الأمور بميزان الحكمة والصواب، فتخلو الساحة للغلو والانتهازية ولأصحاب الرؤوس الحامية يفعلون ما يشاؤون، فتضيع وسط الزحام "ولسوء الحظ" كل الفرص الصادقة البريئة المخلصة من أجل الإصلاح الحقيقي الموضوعي الذي يضع حداً حاسماً وفاصلاً للفساد والترهل والفقر والبطالة والظلم وكل مواطن الشكوى في هذا البلد المغلوب على أمره!.
نعم هذا حال مائل يستوجب وقفة وطنية صادقة جريئة من كل عقلاء الوطن وحكمائه، والإسلاميون الداعون إلى الله، هم وسائر رجالات الدولة المسكونون بهموم هذا الوطن... عليهم تقع المسؤولية الأولى في تدارك نذر الشر ومنع الفتنة وإغلاق المنافذ كلها أمام الخطر، على قاعدة أن "درء المفاسد أولى من جلب المنافع"، وهم ونحن جميعاً ندرك تمام الإدراك إن الحال القائم هذا الأوان إن استمر، فلن يأتي بالمنافع أبداً تحت وطأة التهديد والوعيد وتبادل الشتائم والاتهامات والتخوين.
أدعو صادقاً كل من يتقي الله جلت قدرته، لأن يسأل ضميره عما يفعل، فإن كان نتاجه سيراً نحو الأفضل في هذا الظرف، فليواصل، وإن كان نتاجه سيراً حثيثاً فليتوقف فوراً، وليبحث عن سبيل حكيم آمن راشد لمثل هذا العمل.
أجزم أن ما نحن فيه من تسرع شديد في طلب الإصلاح لأمور تقتضي وقتاً، سيأخذنا حتماً نحو الهاوية، ونحو مصير مجهول يتنازع في أخوة الدرب والهدف والمصير دون الوصول إلى المبتغى، وأجزم أن لا مجال أمامنا جميعاً في هذا البلد الطيب الكريم إلا أن نعيش معاً مستورين كراماً طيبين يحترم بعضنا بعضاً ونسعى صادقين غير كاذبين أو منافقين أو عنصريين أو انتهازيين، لأن يتقدم بلدنا نحو الإصلاح المنشود الذي يحقق لنا معاً و جميعاً هذه الحياة الفضلى بإرادة الله الواحد الأحد سبحانه!.
لكم تمنيت أن لا أسمع قط ذلك الشيخ الجليل الذي لا أتردد في أن ألجأ إليه صادقاً أنا وغيري طلباً للمساعدة في حل إشكال ما... وهو لا يتردد أبداً في التفوه بألفاظ نزقة موتورة تجرح مشاعر الآخرين، وقد نسي هداه الله أن المؤمن الحق لا يصدر عنه إلا طيب، وأن المسلم الحق لا يقول إلا خيراً أو فليصمت!. وأن "محمداً" صلوات الله وسلامه عليه، قدوتنا في سلوكنا وقولنا وعملنا، عظيم يدعونا إلى الخير لا الشر وإلى القول الطاهر العف النظيف لا نقيض ذلك أبداً. امتثالاً لقوله تعالى...
" أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة " فأين هي الحكمة وأين هي الموعظة الحسنة في كلمات شيخنا الجليل هذا.
أدرك أن الخطأ يأخذ مكانه في بلادنا، لكنها ليست سيئة إلى ذلك الحد الذي يدعو بعضنا فيه إلى إزالة سائر المؤسسات والسلطات، وكأن هذا البلد ليس وطناً وكأن الدولة ليست دولة، وكأن المطلوب أن نجنح جميعاً نحو المصير المجهول "ولا حول ولا قوة إلا بالله".
لا... هذا وطن، وهو مُلك مشاع لنا جميعاً، وهذه دولة، وهي مُلك لنا جميعاً، ومسؤولية إصلاح الأخطاء فيها مسؤوليتنا جميعاً وبلا استثناء. شيباً وشباناً معاً، رجالاً ونساءً معاً، وبالحسنى ما دامت الإرادة الجمعية للدولة كلها موجودة، القيادة والسلطة الرسمية والشعب، فما هو المطلوب إذن، جر البلد نحو الانهيار والهاوية وعليَّ وعلى خصومي يا رب!!!.
هذا سلوك مرفوض لا يقر به عقل أو منطق أو شريعة أبداً، وسيقاومه الله سبحانه، ومعه كل أردني حر غيور، يتقي الله في بلده وفي حياته وحماته على حد سواء، وما دامت الحكومة القائمة تدعي "وأسمح لنفسي بذلك وأنا موظف عام" نعم ما دامت تدعي سيرها الواثق نحو الإصلاح المطلوب... أليس المنطق شرعياً وموضوعياً أن نمنحها "عطوة" حددها "مجازاً" الملك ولي الأمر بثلاثة شهور، لنرى، فإن صدقت فلها من الشكر، وإن خلفت الوعد طلبنا جميعاً الخلاص منها لنجرب غيرها!.
وفي السياق وبعيداً عن الشخصنة، فلقد طفت أنحاء عديدة من هذا العالم شرقاً وغرباً بحكم العمل، ويشهد الله أنني لم أجد بلداً أفضل أمناً وأماناً واستقراراً وحياة، أفضل من الأردن، ولا أقول هذا تعصباً لأنه وطني الذي أحب، وإنما لأنها الحقيقة الساطعة التي يشاركني فيها بالضرورة، كل من جال في هذا الكوكب وشهد الفقر والتخلف وضنك العيش وتكميم الأفواه والحريات حتى في "أعتى" دول الأرض ثراء وديمقراطية وتطوراً...
وفي الأردن أنت آمن على حياتك وممتلكاتك ومصيرك. وأنت حر كريم حتى وأنت فقير أو معدم، وفي الأردن لا توجد "خشهْ" وأعتذر عن التعبير سلفاً، إلا ومخدومة بالطريق والماء والكهرباء والمدرسة والمستوصف وكل الخدمات بما فيها "الانترنت" ، وفي الولايات المتحدة حاكمة الكوكب اليوم، فقر وتخلف وانعدام خدمات ورئيس يملك تعطيل القوانين بقرار شخصي حتى لو أقرتها الهيئات التشريعية... فهو يقبلها ويملك الحق في تعطيلها، وفي الأردن في المقابل، لا يملك الملك حقاً كهذا فإذا ما اعترض على قانون أقره البرلمان، فإن له أن يعيده إليه مسبباً لتعديله، وإن رفض البرلمان ذلك، أصبح القانون نافذاً بعد ستة شهور حتى لو لم يصدقه الملك!.
أنا لا أبرر ولا أحاول تزيين الصورة أبداً "والله"، فالصورة "مشوهة" نعم، لكنها ليست سيئة إلى الحد الذي لا يمكن إصلاحه، فهذا ممكن، وممكن جداً، ولكن بالحكمة والرشاد لا بالنزق والتوتر وفرض الرأي وحشر الدولة كلها في زاوية ضيقة، إما أن تنفذ ما أريد الآن وفوراً، وإلا فلا مجال للتصالح لا مع النفس ولا مع الآخر.
نحن الآن في ظرف دقيق وحساس وخطير ويجب أن نقر بهذا، ودول عربية شقيقة من حولنا تحترق، والمطلوب شرعياً ومنطقياً ووطنياً أن نتعظ، والعاقل من اتعظ بغيره، فإما أن نحرق بلدنا بأيدينا لا سمح الله، وإما أن ننجو به نحو السلامة ودوام نعمة الأمن والاستقرار وصولاً إلى الإصلاح الشامل الذي ينادي به الملك وتعمل من أجله الحكومة وسائر المؤسسات كواجب أخلاقي وطني ملح لا حياد عنه أبداً!.
بصراحة ليس كمثلها صراحة، فالأخوان المسلمون تحديداً، وهم دعاة الإصلاح والعودة إلى الله الواحد الأحد، وهذا هو الأساس في وجودهم كمؤسسة، ومعهم الشباب المحتجون وسائر قوى المجتمع الراشد من شيوخ العشائر ووجهاء المخيمات والنقابيين والمتقاعدين العسكريين والمعلمين وكل الأردنيين من جميع المشارب والأطياف... نعم كل هؤلاء بلا استثناء، مطالبون اليوم بالذات، لأن يتقوا الله في بلدهم. وأن يغلبوا العقل والحكمة والمنطق وإرادة الله العلي القدير في صون الأردن والمحافظة على أمنه واستقراره وسلامة مسيرته، وأن لا يسمحوا ...أكرر أن لا يسمحوا للفتنة العمياء لأن تقوده صوب المجهول والشقاء والاحتراب، بعيداً عن الإصرار العنيد على لي يد السلطة الرسمية وتوجيه الاتهامات والتعرض لشخوص الناس العاملين المخلصين بصمت وصبر وصدق، دون أدنى شعور بأن الظلم مرتعه وخيم، وأن الله جلت قدرته لا يدع الظالم وشأنه لا في حياته ولا بعد مماته!...
ختاماً... هذا بلد المهاجرين والأنصار، هذا بلدنا جميعاً، وواجب أن نعض عليه بالنواجذ وأن نحميه من كل متهور أو عدو، وليس لنا في هذا الكون من عدو إلا أولئك الصهاينة الأشرار المتربصين بنا جميعاً، الذين يغتصبون قدسنا ومقدساتنا وأقصانا ويحتلون أرضنا ويستبيحون دماءنا وأعراضنا وحقنا منذ عقود سبعة، ونحن لاهون غائبون نتلمس طريقنا بين أقدامنا، راضون بهذا الظلم المقيت البشع، آمل أن يكون لهذا النداء مجيب... وإلا فقد صدق الشاعر الكبير إذ يقول:
لقد أسمعت لو ناديت حيـاً ... ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو ناراً نفخت بها أضاءت ... ولكنك تنفخ في رمــادِ
ولا حول ولا قوة الا بالله،
هو نعم المولى ونعم النصير،
ولا حول ولا قوة الا بالله.
She_abubakar@yahoo.com
شحادة أبو بقر