رأس البرج أقرب وانفع وأكرم من باب الحكومة
"محمود" أحد سكان مدينة مليح الصامدة التي يفترض أن تكون بعد هذا التوسع الهائل والكثافة السكانية المتزايدة يوميا مركزاً للواء جبل بني حميدة "المفترض" الذي هو أكثر كثافة سكانية وأوسع مساحةً من ذيبان وقراها .. إذ يعاني هذا المجتمع الواسع معاناةً شديدة بسبب اضطرارهم للحج إلى ذيبان على كل صغيرة وكبيرة ربما كل يوم والجميع يشكو وخاصةً سكان الجبل لأنهم الأبعد.
هذه واحدة من آلاف أشكال المعاناة التي يعاني منها كل أبناء قبيلة بني حميدة والتي دلّ عليها بشكل واضح تصرف "محمود" الذي نحن بصدد الحديث عنه.
صعد "محمود" صباح يوم السبت الماضي 21/3 إلى رأس برج الاتصالات في وسط مدينة مليح الصامدة وأعلن من علٍ أنه سيقدم على الانتحار إذا لم تستجب الحكومة لمطالبه المشروعة .
وصل الخبر للدفاع المدني فحضرت سريعاً سيارة الاسعاف إلى أسفل البرج ووصل الخبر أيضاً إلى المركز الأمني فحضروا سريعاً وفي مقدمتهم مساعد مدير شرطة مادبا وعدد من الضباط، وبحسب شهود العيان اتصل بعض الحضور من الأهالي بالأخ محمود الجالس جلسة مريحة في أعلى البرج وتحدثوا معه بالهاتف وطلبوا منه أن ينزل ويعدل عن محاولته واستعد أحدهم لتقديم مبلغ فوري مقداره 500 دينار وتبرع آخر بمبلغ 400 دينار بالحال أيضاً كما تبرع رئيس البلدية بملبغ 1000 دينار أيضاً يتسلمها محمود فور نزوله كمصروف جيب كما وعده رئيس البلدية بأنه سيعود لعمله في وزارة الاشغال التي فصلته من وظيفته بسبب اضطراره لإجازة لم توافق عليها الوزارة فتقدم بطلب اجازة بدون راتب بسبب اضطراره للإجازة فما كان منهم إلا أن فصلوه من عمله.
قال "محمود" لرئيس البلدية :" هات مسؤول أكبر منك يحكي معي ويتعهد لي بالعودة إلى عملي".
بعد رفض محمود واصراره على محاولته بالقاء نفسه من أعلى البرج اضطر مدير القضاء للاتصال مع المتصرف وربما مع المحافظ الذي قد يكون خاطب وزير الأشغال الأمر الذي أدى إلى حضور المتصرف شخصياً وتحدث مع "محمود" الذي وعده بالعمل مع المتعهد الذي يعمل الآن في تحسين الطريق الواقع في مركز المدينة حتى تتم إعادته إلى عمله في وزارة الأشغال بوعد قطعه على نفسه وزير الأشغال حسب قول المتصرف وأشهد المتصرف على قوله هذا الجمع الغفير الذي كان حاضراً هذا المشهد.
اتصل أحد الأهالي الحضور بمحمود وقال له :" لقد استجابت الحكومة لمطالبك المشروعة فتوكل على الله وانزل" فنزل محمود سالماً غانماً واخذوه إلى مكتب رئيس البلدية القريب واعطوه المبالغ التي وعدوه بها فوراً كمصروف جيب لتحسين اوضاعه المعيشية البائسة بانتظار عودته إلى مركز عمله في وزارة الاشغال.
عندما سأله المتصرف لماذا لم تراجع يا محمود المسؤولين قبل الاقدام على محاولة الانتحار؟ قال محمود : لقد طرقت الباب حتى كَلّ مَتني، وخاصة باب وزير الاشغال ولم اترك مجالاً أو واسطة لكن لا حياة لمن تنادي فلم يبق أمامي بعد أن ساءت أحوالي المعيشية إلا أن أقدم على الانتحار للخلاص من هذا البؤس لأننا نحن لا نستطيع أن نذهب نسأل الناس ونصير متسولين .. أنا أريد أن آكل خبز بكرامتي .. أنا أريد أن أعيش بكرامتي .
ترى كم من محمود في مدينة مليح وكم من محمود في ذيبان وكم من محمود في صرفا وفقوع وكم من محمود في بصيرا وكم من محمود في كتم وكم من محمود في سما السرحان وكم من محمود في عي وكم من محمود في المفرق.
إن هؤلاء المحمودين الفقراء كان يمكن أن يجبر كسرهم ويستر حالهم ما أٌنفق على "يسرى المصرية" الأم المثالية لعقل بلتاجي وأمثاله وكذلك ما أٌنفق على الحفل غير اللائق الذي حضره عقل بلتاجي وسمير الرفاعي ودعي إليه الرجل الشهم صافي الكساسبة الذي انسحب من الحفل عندما تبين له أنه لا يليق بشخصه المحترم إنما يليق فقط بعقل بلتاجي وسمير الرفاعي وامثالهما.
تبين لنا ولمحمود ولكل الارنيين أن رأس البرج هو أقرب وأنفع وأكرم من باب المسؤول لأن المسؤول عندنا هو تلميذ مدرسة الفساد والاستبداد لا يلبث إلا أن تخرج منها سريعاً وبتفوق.
ربما يعني هذا أن الأردنيين إذا ما ارادوا أن يحصلوا على تحسين مستوى معيشتهم التي ضربتها في الصميم سياسة
عبد الله النسور وأعوانه وإذا ما ارادوا انجاز الوعد الذي تعد به النظام باصلاح نفسه أن يصعدوا جميعاً إلى رؤوس الأبراج ويهددوا بالانتحار - تهديداً فقط ولا ينفذون لأن الانتحار مخالف لشرعنا الإسلامي – حتى يستجيب النظام لمطالبهم المشروعة .. لكن هل يوجد أبراج على عددنا في الأردن لنصعد جميعاً إليها دفعةً واحدة بدلا من أن نذهب لأبواب الحكومة الموصدة؟، فنكون نحن في رأس البرج والحكومة في أسفله.
شكراً لك "محمود" وهنيئا للشعب الأردني بك يا من تريد أن تعيش بكرامة .
ضيف الله قبيلات