أردننا ... عسل أسود


تغيرت أحوال المواطن الأردني كثيراً في الآونة الأخيرة، وتعرض خلالها الى الكثير من الضغوطات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والدينية وغيرها، ووجد المواطن الأردني نفسه يقف أمام الكثير من التحديات التي فرض عليه أن يواجهها لوحده.

فعلى الصعيد الإقتصادي؛ إنخفض سعر النفط عالمياً بشكل لافت للجميع، وبالمقابل انخفضت أسعار المحروقات بنسب متفاوتة ولا علاقة لها بالنسب الحقيقية، وعلى الرغم من ذلك لم يحس المواطن الأردني بهذا الإنخفاض في باقي المواد الغذائية والخدمات وأسعار المواصلات والشقق والأراضي التي ما زالت في إرتفاع متزايد.

وتحمل الأردن بشكل كبير اللجوء السوري وفتح أبوابه على مصراعيها لإخوانه السوريين بشكل خاص والعرب بشكل عام، حتى أن المتجول في شوارع المدن الأردنية الرئيسة اليوم يدرك أنه في مهرجان عربي يجمع السوري والعراقي والليبي والمصري واليمني والسوداني وغيرها من الجنسيات العربية التي وجدت في الأردن الحضن الدافئ وفي أهله طيب المعشر وحسن الخلق.

ولم يبدي الأردني إمتعاضاً أو تضايقاً من وجود إخوانه العرب، إلا أنه يطالب حكومته والدول العربية الشقيقة والعالم بأكمله في تقدير مواقفه العربية الشهمة الأصيلة وتحمل تلك المصائب معه.

وحمل الأردني السيف نيابةً عن العرب والعالم في وجه الإرهاب والتطرف والذي راح ضحيته حتى اليوم بطل من أبطال الأردن ونسر طالما حلق في سماءه وتنفس عليل هواءه وشرب من عذب ماءه.

نعم قد يضيق صدر المواطن الأردني اليوم من كثرة الهموم التي يحملها في قلبه، ومن كثرة الأوجاع التي يعانيها في صدره من رؤيته لواقعه المحلي والعربي، إلا أنه يجد في وطنه الملاذ الآمن والحضن الدافئ.

فالأردن اليوم بالنسبة للأردني كالعسل الأسود، الذي يخلط ما بين ظلام الليل وسواده، ومنظره الذي يختلف كثيراً عن الفوائد التي يحملها بداخله وطعمه الحلو المذاق لكل من تذوقه وأردك فائدته.

قد يبدو الأردن أسوداً من الخارج لكل من لا يدرك حقيقة الأردن وجوهره، ولكن الأردنيين يدركون جيداً أن هذا السواد ليس لأهله وضيوفه وأحبابه ومن يساندونه ويقفون الى جانبه، وإنما هذا السواد سيصب غضباً على أعداءه وكل من تسول له نفسه العبث بأمن أردننا الغالي.