من واقع الميدان التربوي

من واقع الميدان التربوي:
الحلقات المفقودة بين معالي وزير التربية والتعليم والميدان التربوي
(1): دبّر حالك.
بداية أود أن أشير إلى الثورة البيضاء التي بدأها معالي وزير التربية والتعليم لإصلاح النظام التعليمي، إذ بدا واضحا نجاحه في بعض مفاصل هذه الثورة بدءاً من ضبط امتحان الثانوية العامة، مروراً باختبارات المعلمين المتقدمين لوظيفة معلم في الوزارة، وغيرها.
هذا إحقاقا للحق، ولكن فيما يبدو أن الرسالة لم تصل بعد إلى من هم حوله من المسؤولين في الوزارة ومديريات التربية والميدان، ولا اعرف هل هو قصور في لغة الرسالة أم قصور في المستقبلين لهذه الرسائل.
ولكي أبدو واضحا، سأقوم بتناول قضية محددة من قضايا الميدان التربوي في كل حلقة من هذه الحلقات.
ولعل القدر ساقني هذا اليوم ليحدد لي موضوعي هذا الذي سأتناول فيه بعض معيقات مدرسة واحدة تتشابه مع الكثير من المدارس على ارض هذا الوطن، إذ أنني كنت سأتناول موضوعاً آخر تمّ تأجيله إلى يوم آخر.
استوقفني الخبر المنشور عن اجتماع لجنة التخطيط في وزارة التربية والتعليم يوم الأحد الموافق 22/3/2015م، حيث كان من محتوى هذا الخبر:
(أكد الدكتور الذنيبات خلال الاجتماع على أهمية الزيارات والمتابعة الميدانية كنهج مؤسسي اعتمدته الوزارة داعياً مديري التربية والتعليم إلى ضرورة الاستمرار ببرنامج الزيارات الميدانية لكافة مدارس المملكة بهدف تلمس احتياجات المدارس والاطلاع على واقعها وخططها التطويرية وزيارة مرافقها المختلفة وإيجاد الحلول المناسبة لبعض العقبات التي قد تعاني منها وإيجاد الحلول المناسبة لها موعزاً بإعداد تقارير بهذه الزيارات ومتابعتها 

وأوعز الدكتور الذنيبات بالتوسع بفتح شعب رياض الأطفال في المدارس الحكومية وتفعيل المشاغل المهنية في كافة المدارس ورصد احتياجاتها ومواردها المتوافرة وتشكيل لجان في مديريات التربية والتعليم لإجراء الصيانة اللازمة للأثاث والمقاعد المدرسية). انتهى الخبر. 
والحقيقة أنني متردد منذ فترة للكتابة حول مواضيع تربوية من واقع الميدان التربوي؛ كوني أعمل في هذا الميدان ممّا يزيد عن العشرين عاما، ولكن تمشيا مع الشفافية والوضوح التي تنادي بها وزارتنا، وانطلاقا من المسؤولية الأخلاقية والمهنية سأتجاوز المرجعية المتمثلة في عطوفة مدير التربية والتعليم ومساعديه.
القضية الأولى هي: تعيين مساعدي مديري المدارس التي أوقفها معالي الوزير منذ بداية العام الدراسي –حسب ما يقول رؤسائي- في مديرية تربية جرش-.
ولعلّي أحد المتضررين من هذا القرار –كغيري من مديري المدارس- لأنني منذ شهور وأنا أطلب تعيين مساعد مدير مدرسة في المدرسة الثانوية التي أديرها بعدما أصبح مساعدي مديرا لإحدى المدارس.
فكيف لي أن أتفرغ للقضايا التعليمية والإشرافية في المدرسة وأنا منشغل بعمل المساعد اليومي: (الجدول، الإشغال، الغياب، استئذانات الطلاب وقضاياهم،...) 
فأين الصلاحيات الممنوحة لمديري التربية لحل مشكلات المدارس؟؟ إذ أن معاليه كلما قام بزيارة إلى أي مدرسة أو اجتماع في هذا الوطن يكرر موضوع الصلاحيات الممنوحة لمديري التربية لحل مشكلات المدارس.
وإذا كانت مدرسة ثانوية تتكون من ساحتين وثلاثة مباني وطوابق ولا يوجد بها الا مستخدم واحد، وكلما طلبت تزويدي بمستخدم يقول لي رؤسائي: ليس لنا أي صلاحية بهذا الأمر، فالأمر بيد معالي الوزير الذي لم يُعيّن أي مستخدم، (دبّر حالك). 
فإذا كان مدير التربية غير قادر على تأمين مدرسة ثانوية بمستخدم فما هي المشاكل التي سيحلها؟؟ واذا قام بإعادة معلم تربية فنية غير قادر على تدريس تخصصه، وكان موجودا في المدرسة لأكثر من عام لتدريس (8 حصص فقط)،.. وعاد ليدرّس مبحث التربية المهنية بحجة عدم وجود معلم تربية مهنية (أصيل أو إضافي) في محافظة جرش.
فما هي الصيانة المأمولة من هذا المعلم غير المتخصص الذي قال لي انه لا يجيد مسك (الدرلّ) لصيانة الأثاث والمقاعد المدرسية؟؟؟.. وكلما شعر بضغط من مدير المدرسة لكي يعمل بجدّ وإخلاص.. قام بطلب نموذج طبي للحصول على إجازة مرضية قائلا: إن ضغطه مرتفع، لقد بدأت أصدق القائلين لي: أن هذا المعلم مدعوم من أحد مسؤولي الوزارة.
فكلمتيّ: دبر حالك صارت مستخدمة كثيرا هذه الأيام في المدارس، وكأن مسؤولينا يقولون لنا: هذه معركتكم لوحدكم يا مديري المدارس، فقاتلوا لوحدكم، ودبّروا حالكم.
معالي الوزير: لا تنخدع من التقارير الزائفة التي تقول: أن الأمور بخير، والميدان على خير ما يُرام، فهناك حلقات مفقودة بين رأس الهرم في الوزارة وقاعدة الهرم في الميدان الذي لا يستشار في معالجة مشكلاته الكثيرة، والإسهام في الإصلاح التربوي المنشود.
جمال محمد نواصرة - مدير مدرسة قفقفا الثانوية للبنين- تربية جرش.