تعديلات دستورية جديدة

في الدول السياسية الرشيقة التي لا تتحنّط لديها النصوص الدستورية والقانونية، يجتهد السياسيون والقانونيون وصنّاع القرار على تطوير الحياة السياسية نحو العصرنة والتجديد، حسب مقتضيات الظروف السياسية واتجاهات الدولة نحو المستقبل.

في البلاد الآن حديث سياسي حول اهمية اجراء تعديلات دستورية جديدة حول مواد دستورية تدفع تجاه ترشيق أكثر للحياة السياسية، لم تتم معالجتها في التعديلات الدستورية الأخيرة الواسعة التي حدثت في عام 2011.

أبرز هذه المواد التي يتم الحديث عنها، المادة 74 من الدستور الفقرة ب التي تنص؛ "الحكومة التي يحل مجلس النواب في عهدها تستقيل خلال أسبوع من تاريخ الحل، ولا يجوز تكليف رئيسها بتشكيل الحكومة التي تليها".

للتذكير فإن اللجنة الملكية التي قدمت التعديلات الدستورية لم تنص في مقترحها على الجزء الاخير من التعديل، وهو "لا يجوز تكليف رئيسها بتشكيل الحكومة التي تليها"، وانما تمت اضافته من قبل مجلس النواب، وعلى ما يبدو فإن هناك رؤية جديدة حول هذه الفقرة، وهناك اجتهادات لالغائها.

المادة الثانية التي تخضع للنقاش العام هي حصول الوزيــــر او عضو مجلس الاعيان او النواب على جنسية دولة اخرى، حيث تشــــترط المــــادة 75 من الدستـــــور حــــــــول عضو المجلس ان لا يحمل جنسية دولة اخرى، وهذا الشرط موجود ايضا للوزير وعضو المحكمة الدستورية.

وتتفق الاراء السياسية والقانونية والدستوريــة على ضرورة اعادة النظر في هذه المادة، لانها تحرم البلاد من كفاءات كثيرة، تحمل جنسية دولة اخرى، ولم يثبت في تاريخ الحياة السياسية الاردنية ان ولاء من يحمل جنسية اخرى اقل من ولاء اي اردني آخر.

مصر في آخر التعديلات الدستورية التي خضع لها الدستور المصري الغت هذا الشرط، وابقته فقط على منصب رئيس الجمهورية، وهناك ايضا عديد من الدول العربية التي الغت هذه المادة.

لا يمكن تقويم التعديلات الدستورية التي وقعت في السنوات الاخيرة الا أنها تمثّل خطوة واسعة على طريق الإصلاح الحقيقي، وهي تعديلات تعزز من دور السلطتين التشريعية والقضائية، وحققت غالبية مطالب الحراك الشعبي الأردني الذي كان يطالب، بشكل عام، بالعودة إلى دستور عام 1952.

التعديلات الدستورية وضعت الاصبع بدقة على اوجاع الحياة البرلمانية، وما تعانيه من مثالب، وتــــــم فيــــها تجــاوز مرحلة الانتخــــــابات المشكوك فيها، فوجود هيئة مستقلـــــــــة تشرف على الانتخابــــات، منحت الثقة للناخبيـــــــــن أن صوتهم الانتخابي في الصناديق سوف يذهب لاصحابه الشرعيين، كما ضمنت حق المرشحين الذين يرون أن ظلما وقع عليهم، بأن القضاء العادل هو الحكم في هذا الموضوع، لا كما كان يحدث سابقا، أن الحكم والخصم هما اعضاء مجلس النواب المنتخب.

يكفي اننا تجاوزنا مرحلة القوانين المؤقتة، كما اسست التعديلات لمرحلة جديدة في الأردن في إطار المحكمة الدستورية، التي كانت مطلب المشتغلين بالعمل السياسي والعام منذ عشرات السنين.