مغص «خلوي»

قبل ان يخرج المواطن «ط» من بيته، ألقى نظرة على ابنائه وهم يغرقون في النوم، فوجد على جانب وسادة كل منهم»خلوي» تتدلّى أسلاكه مثل»شرايين» مُهملَة.
وحين سار في الشارع،ألقى التحية على جاره»أبو العبد»،فلم يرد الرجل،وكان مُنشغلا،بارسال»رسالة» عبر هاتفه «الخلوي».
ركب بالباص،وشاءت الاقدار ان تكون جلسته الى جانب طالبة جامعية،كانت الفتاة منشغلة بارسال «مسجات».ترك مسافة بينه وبينها.
كانت «كونترول الباص» يشاغب ويناكف «كونترولية الباصات الاخرى»،يمازحهم ويشتمهم،ويمسح رأسه للفت الانتباه الى «الجِل» اللامع فوق شعره الأسود.
لم تتوقف الفتاة عن ارسال «مسجاتها»،بينما صاحبنا،كان ينتظر توقف الباص في محطّة الوصول.
علم بوجود صديق في المستشفى،فقام بزيارته وأداء الواجب. كان عامل النظافة ،يشطف الدرجات المؤدية الى الطابق الثاني،وبيده الثانية يرد على مكالمة طويلة.
وفي المساء ذهب الى بيت عزاء،لأداء الواجب.كانت الخيمة كبيرة تليق بالفقيد واهله واصدقائه.
ظل يتأمل الموجودين،بينما كان فتى يقدم له التمر والقهوة السادة.كان أغلبهم قد انزوى مستغرقا بضوء جهازه»الخلوي»،وكلما رفع رأسه،رن هاتفه بصوت يشبه»صوصوة العصافير».
وفي اليوم التالي،ذهب لسداد فاتورة،كهرباء،كان الطابور طويلا مثل»نهار الجمعة».اندسّ بين الواقفين،متأمّلا أن يصله»الدّور،قبل نهاية الداوم.
فرك رأسه،واصطدم بقدم رجل داهمه فجأة. كان سير الطابور بطيئا لكثرة»الزبائن» و»المراجعين».وانشغال معظمهم بالرد على مكالمات هواتفهم»الخلوية».
شعر المواطن»ط» بمغص واضطراب ،فقد تمنّى ان يتحدث مع أحد من لقيهم.الكل مشغول في عالمه»الخلوي». وهو «مريض اجتماعي»،يحب الحديث مع الناس،ممازحتهم،ملاطفتهم،محاورتهم،تبادل التحية والقلق معهم.
أحسّ بمغص»خلوي»،كاد ان يتقيّأ»كلام... كلام...كلام».