طلاب المدارس وقصة شركة النقل

طالعتنا الأخبار مؤخرا أن وزارة التربية وإدارة السير و"تنظيم النقل" يعملون على تأسيس شركة نقل خاصة لطلبة المدارس الحكومية، مع علمنا بوجود العديد من أصحاب الباصات الخاصة التي يقوم أصحابها بنقل الطلبة والطالبات صباحا وعند انتهاء دوام المدارس، باحثين عن تحسين أوضاعهم المادية المتردية فلجؤوا لنقل الطلبة من أجل هذا الهدف، ويحصلون مقابل هذه الخدمة على أسعار رمزية لا تعتبر مرتفعة على الأسر ولا تعتبر مغنية بالنسبة للسائقين.
أعتقد أن خطوة التربية وإدارة السير وتنظيم النقل تذهب باتجاه قطع رزق هؤلاء، مع علمي الأكيد بقيام تلك الباصات الخاصة بتكديس الطلبة فوق بعضهم ما يشكل خطرا على الطلبة من الناحية الصحية ومن الناحية الأمنية للمركبة وللركاب. فصحيا هم عرضة لانتقال الأمراض المعدية، وأمنيا هم عرضة لأي خطر يسببه أي حادث.
لذلك أرى، من وجهة نظري الشخصية، أن الموضوع لم يكن بحاجة الى قيام وزارة التربية والجهات الأخرى التي تريد أن تكسب الموقف بتأسيس شركة نقل خاصة من أجل هذا الأمر، بل أظن أن الموضوع كان يحتاج فقط الى اعادة تنظيم لآلية عمل الباصات الحالية ووضع ضوابط، لها بل ويمكن أن يكون أصحاب الباصات الحالية جزءا من الحل وجزءا من الشركة المنوي إنشاؤها.
صحيح أن الوضع الحالي للباصات مزرٍ فهو يفتقد الى الأمان في غالب الأحيان خاصة من طرف من ينقلون طلاب المراحل الابتدائية الأولى ويكدسون الطلبة فوق بعضهم، بحجة أن المشوار قريب ومن أجل تحميل أكبر عدد ممكن من الطلبة، وهذا بالطبع خطأ فادح لا نقبل به، بل إنني شخصيا أحجم عن نقل أبنائي بمثل هذه الباصات لهذا السبب. لكن مع ذلك أرى أنه من الضروري تنظيم العملية واستيعاب أصحاب الباصات الحاليين حتى لا ينقطع رزقهم في ظل ظروف اقتصادية خانقة تمر بها الأسرة الأردنية بشكل عام، متمنيا الا تؤدي خطوة إنشاء الشركة الجديدة الى قطع أرزاق هؤلاء السائقين المواطنين الذين ينقلون في العادة الطلبة من محيط المدرسة، بمعنى أبناء الجيران وجيران الجيران و"ما حدا غريب".
وأظن أن استبعاد هؤلاء من الحل سيجعل الكثير من الأهالي يحجمون عن نقل أبنائهم بالباصات الجديدة نتيجة ما هو متوقع من ارتفاع ثمن أجرة النقل؛ وبالتالي لن تكون العملية مجدية اقتصاديا لوزارة التربية ولا لإدارة السير ولا لتنظيم النقل.
وبما أننا نتحدث عن الباصات فسأعرج هنا الى الباصات الكوستر التي تعمل في الخطوط الداخلية داخل العاصمة، فرغم كثرة الشكاوى ضد "الكنترولية" إلا أن الوضع القائم ما زال كما هو، وما زال هؤلاء للأسف يصولون ويجولون في الباصات دون أدنى درجة تؤهلهم لمثل هذا العمل وهذا الاحتكاك مع المواطنين، ويتعاملون بطريقة فوقية وكأن الباص ليس ملكا للجمهور وللركاب، وأن هذا الكنترول وجد لخدمتهم لا للتعالي عليهم.. ومن جهة أخرى يجد الركاب أنفسهم مضطرين الى سماع أنواع من الأغاني التي لا تمت الى الذوق العام بصلة، ويجد الراكب نفسه في أسوأ لحظات يومه إذا فكر ركوب مثل هذه الباصات.. وأتساءل: الى متى يبقى مثل هؤلاء في أدق عمل وأكثره احتكاكا مع المواطنين؟ أما آن الأوان أن يكون كنترول الباص شخصا قادرا على التعامل مع الناس بشكل أفضل؟ أما آن الأوان أيضا عمل دورات خاصة للسائقين لتهذيبهم بدلا من حالات الطيش التي نتعرض لها بشكل شبه يومي؛ بسبب هؤلاء السائقين الذين لا يراعون من حولهم ويخلقون الفوضى في الطرقات معرضين الارواح التي يحملونها للخطر وأرواح من يقودون سياراتهم الى جوارهم.