عندما يُسفر المفكر «المسفر»، هل من مدّكر؟

ما تجده عند الدكتور محمد المسفر بكثرة وتكرار قد لا تجده عند البعض؛ من حرص عروبي، ورؤية استراتيجية، وتقدير حقيقي لمكامن الخطر القادم من الشرق، وذلك المنبثق من تغييب للفكر الاسلامي المعتدل والذي أفرز داعش وأخواتها، ولعلك تقرأ بكل مواقفه وكتاباته المبكرة ثبات النتيجة التي ترسخت لديه بضرورة دخول الأردن واليمن والعراق إلى مجلس التعاون الخليجي، على مراحل وبدءاً بالأردن، لدوافع التحصين، والتكامل في الطريق الطويل والمضني تجاه الوحدة.

الفارق بين المسفر وبعض المفكرين الآخرين يكمن بعمق التفكير اولاً، وبترتيب الأولويات ثانياً، فالأولوية الأمنية تتقدم لدى المسفر على الرفاهية الاقتصادية، وهذا ترتيب رتيب يدعمه العقل والمنطق والشواهد، فلا رفاهية اقتصادية في ظل رداءة الأوضاع الأمنية. ولا مناص أمام الدول العربية من دعم سياسة التحالفات وتحقيق الامن الجماعي على ارض الواقع.
ولعلك تجده ينشط في هذا التوقيت بالذات للتأكيد على أهمية الأردن ودوره. وذلك في ظل السياسة «الاخطبوطية» التي تمارسها إيران مع اقليمها شرقاً وغرباً، حين تكللت مساعيها بالنجاح مؤخراً بإتمام السيطرة على اليمن على الأقل إلى الان من خلال وكيلها وحليفها «الحوثي»، الأمر الذي قد يقرأه البعض بأنه خطوة لــ «فرسنة» الخليج العربي.
الذي يعدل ذلك أو يفوقه من خطر يثير قلق المسفر والجميع على السواء؛ هو تمدد تلك القوى الظلامية في سوريا والعراق، وبالتالي طرق الخطر للأبواب الأردنية ثم الخليجية على التوالي، ومن هنا لابد من إعادة ترتيب الأولويات بمساحات فكرية أكثر عقلانية سياسية ومصلحية، وكأني بالمسفر يقترح تشكيل «GATO» حلف خليجي عربي عسكري بالدرجة الأولى، يكون أكثر فاعلية من درع الجزيرة، تناط به أدور دفاعية وهجومية ليكون أكثر ردعاً في ظل الحديث عن أسلحة تقليدية على أقل تقدير.
ما تنبأ به المسفر عن العراق واليمن قد تحقق بعضٌ منه، وادعو الله ألا يكون الأردن مثالاً يساق لاحقاً للتأكيد على تحذيرات سبقت منه تطلب إسناد الأردن ودعمه، لا ينكر أحد قدرة الأردن السياسية والعسكرية على الذود عن حماه في ظل تمتعه بقوات مسلحة محترفة، وقيادة هاشمية حكيمة، وشعب متلاحم جُرب في محن كثيرة فأثبت صلابته وبسالته. إلا أنه وفي عالم متكتل، لا بديل عن تشكيل التكتلات العربية؛ ذات الصبغة العسكرية والاقتصادية على الأقل.