المتقاعدون العسكريون ؛ تجربة ومخرجات..؟
المتقاعدون العسكريون اصحاب مدرسة سلوكية وتربوية واحدة وخبرة وكفاءة واقدام وتضحية وقدرة على اتخاذ القرار يشكلون كتلة بشرية تملك التنوع هذا، تجد نفسها خارج الاطار الوظيفي العسكري المنظم في لحظة مفاجئة تاتي كالموت لا مقدمات لها في اغلب الاحيان ، تاتي والمتقاعد في ريعان الشباب او زهرة شبابه قد ذبلت، براتب تقاعدي لا يسد حاجاته ومتطلباته الانسانية ، يكاد لا يكفي لتغطية الاحتياجات الرئيسة لكثير منهم ...
وهنا المعادلة التي يجب ان يدركها كل مسؤول يطرح سؤالا ملحا لماذ تتوسع شريحة المتقاعدين العسكريين المنخرطين في العمل السياسي رغم انهم لا يملكون الخبرة والخلفية لها وكانوا الابعد عنها ؟ والجواب المختصر المفيد الذي لا يتسع المقال والمقام التفصيل فيه؛ هو اننا نرى فيهم الشباب والفراغ ( البطالة ) والكفاءة والخبرة والفقر والتضحية تجتمع معا لتشكل منهجية جديدة للعمل السياسي ، بوتقة لتوالد الافكار والشعور بالمظلومية تجد نفسها بشكل او باخر جزءا من السياق السياسي باطر مختلفة .
العمل السياسي ليس هدف بحد ذاته ، فهو وسيلة سلمية يتم في اطارها المطالبة بالاصلاح السياسي تحقيقا للقدرة الكافية على محاربة الفساد ورفع الاستبداد، واستعادة الحقوق والعدل والمساواة، والسكون الذي كان قائما لدى الناس في المنطقة كان صبرا وانتظارا لتحقيق الانصاف والعدالة التي هي اساس الاعتتدال كما هي اساس الملك ، وعندما ادركوا ان ذلك لم يتحقق او تحقق بوتيرة بطيئة متذبذبة مستفزة تحرك الناس بما فيهم المتقاعدون لتحقيق ذلك ، وتحقيق مطالبهم وحقوقهم .
تجربة المتقاعدين العسكريين في ولوج العمل السياسي كانت نتاج مخرجات ليست بمعزل عن سياق عالمي تزداد فيه المشاركة وحجمها وفاعليتها بحجم الاخطار والضغوط والهموم والمظالم والغبن واستشراء الفساد والبطئ او المراوحة في محاربتة ، حيث تتوسع وتزداد شريحة المنخرطين في العمل السياسي في منطقتنا عنها في الدول الغربية التي تتمتع في استقرار سياسي وموازين واضحة في العمل السياسي وادارة الدولة.
وحدة هموم المتقاعدين العسكريين الاردنيين في مطالبهم الحقوقية المنصفة والمشروعة واضحة ومدركة لكل مسؤول في الدولة وهي مطالب لا يختلف عليها المتقاعدون اطلاقا ، وعلى راسها الانصاف والمساواة في رواتبهم التقاعدية من خلال اعادة هيكلة هذه الرواتب بما يتناسب والتعديلات التي طرأت على المتقاعدين الجدد بعد حزيران 2010 ، والتي تصل الى حد ضعف الراتب، وكذلك فجوة الراتب التقاعدي الكبيرة جدا بين كبار الرتب وصغارها وهو تفاوت لم يعد مفهوما بهذ الفارق الكبير جدا الذي يصل عشرة اضعاف احيانا، مما يعظم الشعور بالظلم والاحتقان والغبن ....
ان تعدد اللجان الفرعية والجهوية وغيرها وتحت مسميات مختلفة وباعداد ضئيلة نسبيا ومحصورة مناطقيا اضعف الاستجابة لا بل بددت العزم الجمعي الذي يشكل ثقلا وضغطا لتحقيق المطالب بعيدا عن المناكفات والحساسيات، رغم انها تحمل نفس المطالب والغايات في بعدها الحقوقي والاقتصادي والاجتماعي وخدمة المتقاعدين،رغم اختلاف بعضها في الرؤى في الجانب السياسي والاصلاحي وهو مقدر ومفهوم تبعا لاعتبارات وظروف واسباب كثيرة ، ويمكن ان نجد مخرجا نلتقي عليه تبعا لقاعدة مهمة وهي ان اختلاف الراي لا يفسد للود قضية وهومحل احترام لكل من يرغب بالمشاركة او يعتذر عنها تبعا لظروفه واسبابه، ويجب ان نلتقي ونتوحد على ما نتفق عليه ومحل اجماعنا وهي حقوقنا التقاعدية ، وليعذر بعضنا البعض فيما اختلفنا عليه في الرؤى السياسية.
لذلك جاءت مبادرتنا باطلاق واشهار اللجنة المركزية للمتقاعدين العسكريين التي اصدرت بيان الكرامة في 21/اذار من ستة بنود من نحو مئة متقاعد من مختلف الرتب والمناطق ، في محاولة جادة وقوية لجمع الشمل وتوحيد الجهد على مطالب حقوقية تقاعدية محددة محل اجماع لا اختلاف فيها ، وقد تلقيت الالاف من الرسائل والاتصالات فاقت التوقعات من متقاعدين ولجان وكشوفات اسماء كاملة تؤيد وتدعم هذا التوجه وتطلب الانظمام من هذه الاعداد الكبيرة جدا التي تطالب المسير في هذا الاتجاه المبارك ..