السيناريو نفسه


كل الثورات العربية المتتالية المستمرة من تونس الي مصر الى ليبيا الى اليمن الى البحرين .. الخ مرت في المحطات نفسها تقريبا:-

1- شباب من دون أمل ومن دون خوف بسبب البطالة والفساد وصعوبة توفير الحد الادنى من شروط العمل والزواج والسكن والحياة الكريمة ... الخ.

وبدلا من النشرات الحزبية التقليدية اكتشفوا اهمية الفيس بوك والمواقع الالكترونية لتحشيد قواهم في الشارع. وهو اسلوب لم تتعود عليه قوى الفساد والاستبداد المعروفة.

2- اختيار ميادين عامة لهذا التحشيد مثل ميدان التحرير في القاهرة وميدان بورقيبة وميدان التغيير في صنعاء وميدان اللؤلؤة او الشهداء في المنامة وساحات جوامع في بلدان اخرى.

3- اطلاق الرصاص الحي من قبل انظمة الفساد والاستبداد على الشبان المتظاهرين ثم استخدام القناصة كما حدث في القاهرة وتونس وصنعاء والمنامة حيث قتل عشرات الشبان المسالمين.

4- اللجوء الى البلطجية وأعوان الشرطة السرية بمستوياتهم المختلفة من الزعران الى بعض النواب من نمط عبدالناصر الجابري الذي قاد »موقعة الجمل ضد شبان ميدان التحرير«.

5- تحريك بعض القطاعات والجماعات الموالية على أسس جهوية او طائفية او اقليمية لتصوير ما يجري كما لو انه »شارع ضد شارع«.

6- التشويش الرسمي على الاتصالات والمواقع الالكترونية والتركيز على محطة الجزيرة خصوصا باعتبارها الاكثر مشاهدة عند الرأي العام العربي واطلاق كتاب التدخل السريع والاعلام المأجور ضد هذه المحطة.

7- حالة الإنكار السيكولوجية عند مختلف الرؤساء الذين طالبت الثورات بترحيلهم, وقد اخذت هذه الحالة الاعراض المرضية والعصابية نفسها تقريبا »الشعب معي, الشعب يحبني« وما يحدث في الشارع مؤامرة وأجندة خارجية .. الخ من الاكاذيب الرسمية المتداولة عند هؤلاء الرؤساء.

8- ولعل الاخطر في الحملة الاعلامية - السياسية المضادة عند هؤلاء الطغاة - هو ما يعرف بالإزاحة وهي خطوة تالية لحالة النكران تحاول دمج قطاع واسع من الجمهور في خطاب ومصالح الرئيس لكن بأقنعة مضللة تصرف الانتباه عن الفساد والاستبداد المحلي وتحول ذلك نحو عدو خارجي وغالبا ما تأخذ هذه الإزاحة اشكالا كوميدية من اتهام الشباب بأخذ حبوب الهلوسة الى اعتبارهم مضللين بأجندة خارجية على نحو خطاب مبارك وصالح واتهام الامريكان بتحريك الشارع مع ان القاصي والداني يعرف انهما صديقا وحليفا واشنطن, وعلى نحو خطاب طاغية ليبيا الذي اتهم فيه القاعدة وتهديدها للأمن الاوروبي والاسرائيلي, وعلى نحو الخطاب الجاهز دوما الذي استبدل التحريض على الشيوعية بالتحريض على الشيعة ...الخ.

9- ومن اخطر اشكال الحملة الاعلامية المضادة ابتزاز المواطنين بل والرأي العام العربي والاوساط العربية الشعبية والوطنية بالتهديد القديم- الجديد: إما بقاء الفساد والاستبداد والمزارع العائلية وإما التدخل الخارجي وتمزيق البلاد والحرب الاهلية.

10- بالمقابل فان خطاب الطغاة غالبا ما يرتد عليهم بالمزيد من الوحدة الوطنية »صلاة الأقباط والمسلمين في ميدان التحرير« وتراجع الخطاب الانفصالي في اليمن .. وهكذا.

11- اخيرا, فان المزيد من المذابح كان يأخذ الجيش الى صف الشعب ويُسرع في رحيل الرؤساء الطغاة كما حدث في مصر وتونس وكما حدث في الانضمام العسكري المتزايد للشعب في اليمن وليبيا.0

mwaffaq.mahadin@alarabalyawm.net