سياسة خطيرة تقود البلاد الى المجهول ...فهد الخيطان

ها نحن نعود الى نقطة الصفر, لم نتعلم شيئا من تجاربنا وتجارب الاخرين, بوعي واصرار عجيبين نقود البلاد الى ازمة. »هذا النهج سيقود الى فتنة في الاردن« يقول رئيس الوزراء في معرض هجومه على الاسلاميين. فعلا هذا الذي حدث للمعتصمين في دوار الداخلية وما تلاه من مظاهر الاحتفال بالنصر في شوارع عمان ليل امس الاول كان الفتنة بعينها.

مشهد يبعث على القهر واليأس, شبان بسطاء يجري حقنهم باسوأ الافكار عنصرية, وتعبئتهم بكراهية »الآخر« وتحفيزهم للانقضاض على اخوانهم واخواتهم بزعم انهم اعداء للوطن والملك كيف تقبل الدولة ومن ظل فيها من حكماء بهذا الخطاب الانتحاري?

يمكن لنا ان نسجل ما نشاء من الملاحظات والانتقادات على اعتصام »الداخلية« ونناقش هذه الامور على الملأ وفي وسائل الاعلام, لكن اللجوء الى وسائل غير اخلاقية وعرفية لفض الاعتصام والبطش بالمشاركين بهذه القسوة امر لا يمكن تصوره في الاردن.

كنا نعتقد ان البلاد غادرتها والى الابد مرحلة الاحكام العرفية وتجاوزت الحكومات نهائيا سياسة الاقصاء, لنتبين ان ذلك مجرد اوهام. العقلية العرفية ما زالت كامنة في الرؤوس تتحين الفرص للامساك برقاب العباد من جديد.

الاسلوب الذي تم فيه فض الاعتصام وما حصل بعده هو اخطر ما في الامر, لانه اضفى الشرعية على نهج »البلطجة« في الشارع في سابقة لها ما بعدها, فما الذي يمنع اصحاب الرؤوس الحامية من اتباع الطريقة نفسها مع اي مسيرة او اعتصام في المستقبل. والاخطر من ذلك ايضا اننا قدمنا هؤلاء بوصفهم »وطنيين اردنيين« يواجهون »الاخر« غير المنتمي وغير الاردني هل من وصفة لحرب اهلية اسوأ من هذا?

والحقيقة على الارض غير ذلك ابدا, فشباب »الداخلية« لم يكونوا من لون سياسي واحد, انهم طيف واسع من اليساريين والاسلاميين والمستقلين من شتى الاصول والمناطق والعشائر والعائلات.

في اليوم التالي للحدث المأساوي تعالوا نحصي الخسائر:

شباب في مقتبل العمر يتعرضون لكل هذا الاذى والاهانة في اول تجربة عمل سياسي لهم في الميدان.

رجال امن يدخلون في مواجهة مع اهلهم ويصابون, قتيل ونحو 100 جريح في المحصلة.

ماذا عن التداعيات?

انهيار لجنة الحوار الوطني وهي في بداية الطريق, وحالة من التخبط السياسي لانقاذ مسار الاصلاح المتعثر.

مناخ شعبي مسموم وتوتر اقليمي غير مسبوق وشعور عام بالقلق والخوف على مستقبل البلاد .

تبدد الثقة بقدرة الحكومة على انجاز الاصلاح واتساع الدعوات المنادية برحيلها فورا.

انقسام اهلي خطير, وميل ملحوظ نحو التطرف السياسي سيؤديان بلا شك الى بروز حركات احتجاج تتبنى منطق العنف.

تصوير الاردن في الاعلام الخارجي على انه بلد مضطرب ويتجه للدخول في حالة مشابهة لما حدث ويحدث في دول عربية عديدة.

وتأتي الاعتداءات المشينة ضد الزملاء الاعلاميين اثناء ادائهم عملهم لتضعنا في خانة الدول التي لا تحترم حرية الاعلام, وسنرى ترجمة سريعة لما جرى بحق الصحافيين ومراسلي ومصوري محطات التلفزة في تقارير المنظمات الدولية المعنية بحرية الصحافة وحقوق الانسان.

هل يكفيكم ذلك?

بالله عليكم الى اين تأخذون الاردن?!.0

fahed.khitan@alarabalyawm.net