الحكومة و«الإسلاميين».. ماذا ما بعد 25 آذار؟؟
اخبار البلد- كتب - عماد عبدالرحمن - تتسارع وتيرة التصعيد بين الحكومة والحركة الاسلامية،بعد اسابيع من «الحوار محدود النتائج»، في مشهد ينذر بعواقب وخيمة،بدأت أولى نتائجها بالظهور أول من امس،في ميدان جمال عبد الناصر الحيوي وسط العاصمة،على خلفية احداث الجمعة.
ومن الواضح ان التحول الدراماتيكي «غير المريح» الذي طغى على الموقف،بعد سلسلة تصريحات وبيانات وحوارات شديدة اللهجة، سيكون له ما بعده،والمؤكد ان الاجواء الديمقراطية والتسامح والتساهل ،الذي ساد خلال الأسابيع الاثني عشرة الماضية،لن تستمر طالما فقدت الثقة بين طرفي المعادلة،الا في حالة تغليب «لغة العقل» على المشاعر المنجرفة وراء ما يحدث خارج حدود الوطن،دون حساب او إستفادة من تداعيات ومخاطر تلك الاحداث على الحاضر والمستقبل.
ويرى سياسيون ومحللون ان ما حدث يوم الجمعة الماضية ،سيفتح الباب على مصراعيه « لسجالات جديدة قد تأخذ مناحي مختلفة هذه المرة، بعد أن وصلت الامور الى حد «القطيعة السياسية»،بعد أن فشل «الحوار السياسي» في تعزيز التفاهم بين الحكومة من جهة والحركة الاسلامية من جهة أخرى.
ويؤكد خبراء سياسيون ان «الصراع» بين الطرفين /إن حدث/ لن يقتصر على «النخب فقط» اي المسؤولون الحكوميون وقيادات الحركة،إنما سينتقل تدريجيا الى إمتدادات الطرفين في الشارع،وهو ما بدا جليا خلال الاسبوع الماضي في دوار الداخلية،الامر الذي سيفاقم الحالة لجهة التعقيد،وفقدان السيطرة وهو ما لا يتمناه أحد هذه الايام تحديدا.
الحكومة لن تتعامل مع الحركة الاسلامية،كما كان عليه الحال قبل 25 اذار،وهي التي يقول لسان حالها «انها لم تترك وسيلة للحوار مع الحركة إلا وانتهجتها لكن دون فائدة» منذ بدأت مشاورات تشكيل الحكومة مطلع هذا العام،مرورا بلجنة الحوار،وانتهاء بالاتصالات مع قيادات الحركة لإنهاء «إعتصام دوار الداخلية «، والتي لم تجد آذانا صاغية من قيادات الحركة،منذ بدئه وحتى نهايته مساء الجمعة.
اما الحركة الاسلامية،فهي تعتقد ان الوضع الحالي الذي تمر به المنطقة يخدم أهدافها بالضغط المتواصل على الحكومة لتحقيق «الاصلاحات السياسية المنشودة»،وقد حاولت الحركة في أكثر من مناسبة الحصول على ضمانات لتحقيق مطالبها،الى درجة قد ترتقي الى /الابتزاز/، لاعتقادها بانها وقعت ضحية مماطلة وتسويف من حكومات سابقة وعدت بتحقيق الاصلاح ولم توفِ به، لكن يؤخذ علي الحركة انها لم تلتقط «الرسائل والضمانات» التي تحققت خصوصا في الاسبوعين الاخيرين.
فقد إستجابت السلطة التنفيذية لمطالب كانت «بعيدة المنال» حتى وقت قريب،وفي مقدمتها تعديل قانون الاجتماعات العامة،كما أيدت الحكومة تأسيس نقابة للمعلمين بعد مطالبات استمرت لسنوات طويلة،وصراع وشد وجذب دفع ثمنه الطلبة والمجتمع بأسره، وهو ما عزز يوم الخميس بصدور قرار من المجلس العالي لتفسير الدستور،أضف الى ذلك، الموافقة على إدراج بند التعديلات الدستورية على جدول اعمال لجنة الحوار كبادرة «حسن نوايا»لحسم تردد الحركة في المشاركة في لجنة الحوار الوطني،كما أغلقت مقار المراكز الامنية في الجامعات.
والمتتبع لبرامج عمل الحكومة،منذ تشكيلها قبل نحو شهرين،يلحظ تركيز الحكومة على الملفات السياسية،رغم تراجع الاوضاع الإقتصادية،نتيجة لأرتفاع اسعار النفط وتراجع الاستثمار وإهتزازات الازمة الاقتصادية العالمية.
و بالتالي فإن أي صراع سياسي داخلي او تأزيم،سينعكس سلبا على مجمل الاوضاع الاقتصادية ،وسيزيد معاناة المواطنين،ويخلق تحديات ومصاعب جديدة،ولن يستفيد من هذا سوى الساعين الى إحداث بلبة ولا إستقرار في البلد،حينئذ لن تخرج مسيرات الى الشارع للمطالبة بالاصلاح السياسي فقط، بل سنجد مسيرات «للجياع»،سيستغلها بالتأكيد الانتهازيون والجهويون والراغبون بتأزيم الموقف وجر البلد الى المجهول.
ويبقى على الجميع ان يعرف، كيفية الحفاظ على أمن ومقدرات وإستقرار البلاد،ومواصلة طريق «الاصلاح السلمي»، ضمن اجواء من التسامح وتقديم المصلحة العامة،على كل المصالح الاخرى،حتى لا نقع في المحظور ،ولكي لا نصبح فريسة سهلة للتناحر الذي لن يخدم أحدا سوى أعداء هذه الامة،وفي مقدمتهم إسرائيل،فأردن مستقر وقوي سيكون أقدر بالتأكيد على أداء دور راجح في رسم صورة مشرقة للمستقبل.